منذ اليوم المشؤوم لسقوط حلب؛ تردد الحديث بكثرة عن مصير الجارة الجنب إدلب، وصدرت آلاف التحليلات السياسية والعسكرية للسيناريوهات متوقعة الحدوث فيها.. والعامة بطبيعة الحال تحاول التشبث بقشة الغريق، وأصبحوا يُمنون النفس بمصالحة أو مهادنة أو أي شيء يبعد عن أذهانهم شبح الاقتحام الذي هو بين أعينهم بطبيعة تطور الأحداث من جهة ومخيلة الإنسان العربي التي اعتادت المآسي والضيم والنكبات، فأصبحت تتوقعها وتتوجسها حتى وإن كانت مجرد إشاعات، فكيف بها إن كانت نصب العين كما يقرؤها بعض المراقبين السياسيين والعسكريين، خاصة بعد أن تكفلت تركيا بإغلاق حدودها بوجه أي سوري جديد يدخل أراضيها.
وفي مفاوضات الآستانة خرج علينا المبعوث الأممي ليبشرنا بقانون “إما.. أو ..” إن لم ترضخ المعارضة لرغبة المجتمع الدولي وشروط الأسد، أي سيتكرر سيناريو حلب في الشقيقة إدلب.
بذلك عدنا لهاجس الاقتحام.. حقيقة، أعزاءنا المتابعين، بات برأينا اقتحام إدلب قاب قوسين أو أدنى؛ وبكامل الرضى والمباركة من المجتمع الدولي، ومن يتساءل “كيف؟”، أو “لماذا؟” فله سنقول: الدليل الأول التواطؤ الروسي-الأمريكي خاصة بشأن مصير الأسد، حيث تنصّلت إدارة الرئيس الأمريكي ترامب من كل مواقف إدارة أوباما الخاصة بمصير الأسد؛ فهي-أي الإدارة الجديدة- ليس لديها مشكلة في بقاء الأسد أو رحيله جاء ذلك على لسان كبار مسؤولي ترامب وتيلرسون مقابل سكوت روسيا الحذر عما يدور في رأس أمريكا.
الدليل الثاني هو التسريبات الإعلامية التي تصدر بين الفينة والأخرى خاصة على صفحات الحلفاء الموالين، حول خطة لاسترداد إدلب بمساعدة الحليف الروسي من أيدي المسلحين المتطرفين، والجماعات المسلحة، كالتسريب الذي نشرته صحيفة الديار اللبنانية على لسان ضابط روسي كبير عن خطة العمل المزمع القيام بها في إدلب والمقدرة ب3أشهر كمدة زمنية قصوى.
وربما يكون الدليل الثالث هو الدليل الدامغ على صحة الرؤيا هذا هو ما تشهده أرض الواقع وساحة المعركة ضد المدنيين العزل، فالنظام وحليفته روسيا باشروا بعملية التمهيد للاقتحام كما حصل في حلب أول الأمر؛ الآن سماء إدلب تعج وتضج بالطائرات جيئة وذهابا بين حميميم وأرضنا المتشظية أشلاء وشهداء وثكالى، وللأسف القصف ممنهج للغاية؛ لأنه في غالبيته يستهدف مداخل المحافظة أو مناطقها الحدودية مع باقي المحافظات وبالتحديد الكلام هنا مقصود به جسر الشغور وريفها، وخان شيخون وريفها والهدف إرهاب المدنيين عن طريق قتلهم واستهداف مرافقهم العامة من مشاف ومخابز بل ومدارس بقصد دفعهم للهجرة وإفساح المجال أو لنقل تسهيل عملية الاقتحام البري بعد ذلك دون مقاومة أو خسائر تذكر.
وخوفا من ردة فعل القلة القليلة التي لن ترمي سلاحها حتى آخر رمق وحذرا من فورة دم هؤلاء على أهالي البلدتين الشيعيتين (كفريا والفوعة) عمل النظام وروسيا بالتزامن مع التمهيد الأولي على اتمام اتفاقية لتهجير سكان البلدتين وإحلال أهل الزبداني عوضا عنهم، فيكون بذلك القصف والقتل والمجازر بالراحة.. (والعودة للديار لاحقين عليها).
للأسف هي الحقيقة ومهما كانت مرة فهي واقعة؛ خاصة مع الصمت المخزي للعرب الساقطين منهم، والنائمين على حد سواء.
ويبقى السؤال العالق في الأحشاء، إلى أين المفر لمن سيكتب له طول العمر مع الشقاء؟ وهل إن اقتنينا خيما زرقاء وخبأناها ليومنا الأسود الوشيك سنجد مكانا على أرض هذا البلد لنزرعها فيه؟!
المركز الصحفي السوري – شاديا الراعي