أنهى وزراء خارجية “الدول الضامنة” لمسار أستانا (تركيا وروسيا وإيران) بحضور المبعوث الأممي إلى سوريا (ستيفان دي ميستورا) أول أمس في جنيف اجتماعاً ناقشوا من خلاله آخر ما توصلوا إليه حيال تشكيل “اللجنة الدستورية” المتعلقة بسوريا، وبرز في البيان الختامي الذي ألقاه (سيرغي لافروف) نيابة عن الدول الثلاث إطلاق عملية سياسية مطلع العام القادم، دون الإفصاح عن هويتها، في حين أبدى (دي ميستورا) رفضه أي تدخل في تشكيل القائمة الخاصة بالأمم المتحدة، وشدد على أن تشكيل لجنة دستورية موثوقة، يحتاج إلى أميال ويجب قطعها بـ”خطوات ماراثونية”.
بين الفشل والنجاح
بحسب مصادر خاصة لصحيفة (الشرق الأوسط) فإن اجتماع (تركيا وروسيا وإيران) في جنيف تكلل بالفشل، إذ لم يتمكن من إحداث اختراق في تشكيل اللجنة، إضافة إلى أنه (أي الاجتماع) أسفر عن تغيير مسودة البيان الختامي، بحيث إنه تم حذف عبارة نصت على “إعلان تشكيل اللجنة الدستورية بالتنسيق مع جميع الأطراف”؛ لكن المحلل السياسي التركي (فراس رضوان أوغلو) يرى أن الاجتماع لم يفشل ويدلل على ذلك بثلاثة أمور تمخضّت عنه.
وقال لأورينت نت، إن “عودة طرح قائمة الأمم المتحدة وموافقة النظام السوري وروسيا عليها يعتبر مؤشراً إيجابياً. إضافة إلى تمكن تركيا من تثبيت قائمة المعارضة المؤلفة من 50 اسماً والإعلان عن موعد جديد لاجتماع الوزراء الثلاثة لاستكمال ما تم الاتفاق عليه”.
وفي أسباب الفشل تُضيف (الشرق الأوسط) أن خلافاً حدث في الاجتماع حول دور الأمم المتحدة في العملية الدستورية، حيث تمسك (دي ميستورا) بـرعاية الأمم المتحدة لها ومعايير عملها. إضافة إلى أنه طلب الاستعجال بالاتفاق على تلك المعايير، وليس ترحيل الموضوع إلى العام المقبل، لإلزام المبعوث الجديد (غير بيدرسون) بالعمل في هذا الموضوع.
التهديد الأمريكي
ويرى (رضوان أوغلو) أن الاجتماع الأخير حول اللجنة الدستورية، كشف عن رضوخ موسكو لتهديد واشنطن التي توعدت على لسان مبعوثها إلى سوريا (جيمس جيفري) بإنهاء مسارَي سوتشي وأستانا للمحادثات بين النظام والمعارضة في حال لم يتم تشكيلُ اللجنة الدستورية في 14 من الشهر الجاري (أي بالتزامن مع انعقاد اجتماع جنيف).
وأضاف “الرضوخ الروسي جاء في مصلحة تركيا بالنهاية، حيث استطاعت تثبيت قائمة المعارضة المؤلفة من 50 اسماً. لكنها (تركيا) مازالت قلقة من أن تفرض الولايات المتحدة النظام الفدرالي كشكل للحل في سوريا فهي تتفق مع روسيا على إقامة نظام مركزي في دمشق، لكنها غير متفقة معها على من سيحكم هذا النظام”.
العملية السياسية منهارة
ويقرأ المعارض السوري (جورج صبرا) تأخر إعلان تشكيل اللجنة الدستورية من منظور “فشل العملية السياسية السورية ككل” مؤكداً في حديثه لأورينت نت، أن “اللجنة الدستورية” لاتعنيه هو والكثير من السوريين؛ لكنها بالتأكيد محط سجال بين واشنطن وموسكو، حيث لا توافق بين الطرفين على العملية السياسية برمتها وليس فقط على اللجنة الدستورية، وفق تعبيره.
وقال عن هذا السجال: “هي رسالة واضحة من أمريكا إلى روسيا، بأنه بإمكانك القيام بأعمال تدميرية وعمليات قتل في سوريا؛ لكن الحل السياسي لن يتم سوى بالتوافق معنا (أمريكا)” لافتاً بالقول: “اللجنة الدستورية ولدت في سوتشي ولذلك هي مشروع روسي للتطاول على الحل السياسي وحرف العملية السياسية عن مسارها الصحيح. أي بعيداً عن الأمم المتحدة وقراراتها بدءاً من بيان جنيف 2012 وحتى قرار مجلس الأمن 2254 متضمناً القرار 2118”.
ولذلك فإن ضرب مشروع اللجنة الدستورية – بحسب صبرا – “هو ضرب لليد الروسية ومنعها من الاستفراد بالحل السوري ووضع معالم له خارج الشرعية الدولية (المجتمع الدولي والأمم المتحدة)”.
نقلاً عن: إورينت نت