“لا تحزن يا ولدي ولا تخف من سهم قاتل، من نظام فاقد للشرعية.. يقتل أبنائه الأبرياء.. فسوف تجد عند الله من ينزع السهم ويعيد الحياة والابتسامة” تلك كلمات أم خالد (34 عاماً) من ريف إدلب وهي تحاول تهدئة ابنها الصغير من بكائه المرير لدى سماعه صوت قصف طائرة لصواريخ الموت التي تشل الأطفال عن الحركة وترجف قلب الأهل خوفاً عليهم من حقد لا ينفد.
يتعرض الأطفال للكثير من المخاوف الطبيعية، وكثيراً ما تختلف هذه المخاوف باختلاف عمر الطفل، كما أن العديد من الأطفال يخافون من صوت الرعد أو حتى من العتمة، بالإجمال هذه المخاوف يتم التغلب عليها والتخلص منها عندما يكبر الطفل وبمساعدة الأهل.
لكن ما يحدث في سوريا من مشاهدات للدمار والموت، جعل الأطفال في حالة من الذعر لا يحسدون عليها.
تقول “أم هلال” من ريف حلب “لم تعد في حياة أطفالي ما هو جميل.. الخوف من قصف طائرات النظام وأتباعهم الروس، زرع الألم والمعاناة.. وقتل حتى الأحلام قبل ولادتها.. آه أشد الأحزان أن تضيق الدنيا وإن اتسعت بأطفال لا حول لهم ولا قوة”.
وكلنا يعلم أن الأطفال السوريين من يدفع ثمن الصراع في بلادهم قبل غيرهم، دون أن يكونوا طرفاً فيه، تصيبهم النار التي يشعلها جحيم الحرب والقصف العشوائي بالتحديد.
تروي “أم مازن” من مدينة حلب “خسر ابن الجيران محمود آخر أفراد عائلته والدته وهي من كان قد بقي من أسرته بعد أن كان فقد أخويه وأباه بشكل متتالٍ في قصف طال منطقة السكن.. آه كلما شاهدت ذلك الصغير نتكشف آلام دفينة في القلب على فراق من لازمنا حتى في لقمة العيش، ويزداد الحزن عند مشاهدة توتر وبكاء محمود، من ذاق ألم الفراق .. يعشش في داخله الخوف من المجهول”.
أصبح لدى الأطفال أسئلة أكبر من سنهم، بل وقضايا من المبكر أن يواجهوها الأمر الذي دفع الأهل لحماية أرواحهم قدر المستطاع، وفي أكثر الأحيان يلجأ الأهل للنزوح للمناطق الأكثر أمناً خوفاً على فلذة أكبادهم.
تدمدم جدة محمود بصوت منخفض وحزين” وقلبي عليكم يا أولاد بلدي.. ويا حسرة على قلبي اعتاد النظر اليهم دائماً.. بنفس مشاعر الحزن.. لكن والله ما باليد حيلة.. لن ننسى رحمة الله وانتقامه من كل ظالم، يقتل الأبرياء بغير ذنب”.