أعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند، اليوم السبت، عن تقديم مساعدة عسكرية “فورية” للجيش اللبناني لمواجهة الإرهاب والتحديات الأمنية الأخرى، بالإضافة إلى زيادة المساعدات المالية الفرنسية المخصصة للاجئين السوريين، في البلاد.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الحكومة اللبناني تمام سلام، عقب لقائهما في السراي الحكومي اليوم، بحسب مراسل الاناضول. وقال أولاند، إن بلاده “مهتمة بالأمن في لبنان والسلام في الشرق الأوسط، وتعتبر ذلك جزءًا من أمن فرنسا والسلام في العالم”، موضحا أن “هذا يفسر وجود وزير الدفاع الفرنسي (جان إيف لودريان) ضمن الوفد المرافق، لتقديم مساعدة عسكرية فورية للجيش اللبناني، لدعم جهوده في مواجهة الارهاب وأي تهديد آخر”.
ولم يوضح الرئيس الفرنسي حجم المساعدات ونوعيتها، غير أنه، لفت إلى أن لورديان، “سيقوم مع نظيره اللبناني (سمير مقبل) ببحث الاحتياجات العسكرية لتأمينها بشكل فوري”. وأشاد أولاند، بالجهود التي يبذلها سلام، لإدارة شؤون البلاد في ظل غياب رئيس للجمهورية، مشيرا إلى أن الإرهاب حين يضرب في فرنسا ولبنان، إنما يستهدف القيم المشتركة من الحرية والتعددية” في البلدين.
وكرر الرئيس الفرنسي التعبير عن أمنياته، بـ”انتخاب رئيس جمهورية (لبناني) في أسرع وقت ممكن”، وأردف: “آمل ان تسرّع زيارتي هذه العملية لكن الجواب لديكم.. فرنسا تثق بالبرلمان اللبناني لاختيار رئيس الجمهورية، وأعتقد أنه من مصلحة لبنان والمنطقة والمجتمع الدولي أن يكون هناك رئيس للبنان بأسرع وقت ممكن”.
ويعيش لبنان فراغا رئاسيا منذ 25 مايو/أيار 2014، حيث فشل البرلمان منذ ذلك الحين انتخاب خلف ميشال سليمان نتيجة الخلافات السياسية التي تعصف بالبلاد.
وأعلن أولاند، أنه “في 27 مايو/أيار المقبل سيقوم وزير الخارجية الفرنسي (جان مارك آيرولت) بدعوة مجموعة الدعم الدولية للبنان، لتجنيد كل الهبات والإيرادات وتوجيهها للبنان”، معتبرا أن “لبنان يواجه بشجاعة كبيرة هذا العدد الكبير من النازحين وأظهر جهودا استثنائية لاستقبالهم بظروف استثنائية”.
يشار إلى أن مجموعة الدعم الدولية تضم كل من الصين وفرنسا والمانيا وإيطاليا والاتحاد الروسي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، وقد أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، مع الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان، في سبتمبر/أيلول 2013.
وتهدف المجموعة إلى حشد الدعم لاستقرار وسيادة لبنان ولمؤسسات الدولة، وللتشجيع بشكلٍ خاص على دعم الجيش اللبناني واللاجئين السوريين في لبنان والمجتمعات اللبنانية المضيفة فضلاً عن البرامج الحكومية والخدمات العامة التي تأثرت جراء الأزمة في سوريا.
وكشف أولاند أن “المساعدة الفرنسية للاجئين (السوريين) في لبنان سيتم زيادتها 50 مليون يورو العام الحالي (2016)، و100 مليون يورو على مدى السنوات الثلاث المقبلة”، مشيرا إلى أن بلاده ستعمل مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين لـ “إعادة استضافة” لاجئين سوريين من لبنان في فرنسا.
يشار إلى أن 1.1 مليون لاجئ سوري مسجلين رسميا لدى مفوضية شؤون اللاجئين في لبنان، علاوة على غير المسجلين.
من جهته، أشاد سلام “بعلاقة الصداقة العميقة لشعبينا وبلدينا”، معتبرا أن هذه الزيارة “تنبع من الحرص الدائم على مصالح لبنان وإعادة إطلاق المسارات السياسية من اجل اعادة انتخاب رئيس للجمهورية”.
سلام، وصف أولاند، بأنه “صديق لبنان الكبير الذي نقدر حرصه على زيارتنا في هذا الوقت بالذات بالرغم من الظروف التي يمر بها بلدنا ومنطقتنا”. وشدد على أن الشغور الرئاسي في البلاد “هو المشكلة التي كانت في صلب محادثاتنا مع أولاند، الذي أكد حرص فرنسا على استقلال ووحدة وسيادة لبنان وانتظام عمل المؤسسات الدستورية فيه وهذا يعني انتخاب رئيس للبلاد”. وقال: “تمنينا على الرئيس أولاند ان تستخدم فرنسا ما تملكه من وزن وصداقات (دولية واقليمية) لبذل الجهود التي بدأتها سابقا من أجل دفع الاستحقاق الرئاسي وتأمين انتخاب رئيس في اقرب وقت”.
وأضاف: “عبرنا عن ارتياحنا الوثيق في معركتنا المشتركة ضد الإرهاب”، مشيرا إلى أن الرئيس الفرنسي “أكد حرصه على أمن لبنان وحفظ الاستقرار فيه وتجنيبه تداعيات الحرب في سوريا”.
وكان أولاند، وصل في وقت سابق اليوم، إلى بيروت، مستهلاً جولة شرق أوسطية تشمل القاهرة وعمان، والتقى في وقت سابق اليوم، رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، بمقر البرلمان، وقال عقب اللقائ، إنه أصرّ على زيارة لبنان رغم “الظروف الصعبة” التي تمر بها والفراغ الرئاسي، ليؤكد أن فرنسا “ستقف إلى جانب لبنان” لتجاوز التحديات الأمنية والاقتصادية
ومن المقرر أن يلتقي أولاند خلال زيارته التي تستمر يومين، عددا من كبار السمؤولين في لبنان، وسيزور مخيماً للاجئين السوريين شرقي البلاد. ويرافق أولاند في “زيارة العمل” هذه، وزيرا الدفاع جان ـ إيف لودريان، والثقافة والاتصال أودري أزولاي، ورئيس معهد العالم العربي جاك لانغ، ونقيب المحامين السابق جان ـ ماري بورغوبورور، بحسب بيان صدر عن قصر “الاليزيه” في وقت سابق اليوم.
وسيلتقي أولاند قبل مغادرته غداً الأحد، بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للموارنة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، بالإضافة إلى لقاء موسع مع بطريركي أنطاكية وسائر المشرق للروم الأورثوذكس يوحنا اليازجي، والروم الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام، ومطران بيروت للروم الأورثوذكس إلياس عودة، ومفتي الجمهورية عبداللطيف دريان، ونائب رئيس مجلس الشيعي الأعلى عبد الأمير قبلان.
وفي اليوم نفسه (غدا الاحد)، سيتوجه أولاند عبر مروحية إلى منطقة البقاع شرقي البلاد، حيث يزور مخيماً للاجئين السوريين، ومن ثم يغادر عبر الطائرة الرئاسية من مطار رياق العسكري (شرق) متجهاً إلى القاهرة.
الأناضول