أنشأت مجموعات “الشبيحة” والدفاع الوطني عدداً من السجون غير الرسمية، وتُعرف هذه السجون بسمعتها السيئة جداً والتي لها أساليبها الخاصة بالاعتقال والتعذيب، ولا تخضع هذه السجون للقضاء أو وزارة الداخلية التابعة للنظام.
وفي محافظة حماة السورية، توجد العديد من هذه المعتقلات وخاصة في المناطق الغربية للمحافظة، حيث تكثر مجموعات الشبيحة والدفاع الوطني.
مُعتقلات علنيّة وأخرى سريّة
تتوزّع المُعتقلات غير الرسميّة بمحافظة حماة ضمن أغلب مناطق سيطرة الميليشيات الموالية للنظام، وكذلك داخل بعض المواقع العسكرية التي تُسيطر عليها الميليشيات الإيرانيّة، وبعض هذه السجون معروفة للعلن وبعضها سريّ.
وبهذا الصدد يقول “المرصد 80” لأورينت نت، لدينا في محافظة حماة أكثر من 10 معتقلات سريّة وعلنيّة غير تابعة للنظام مباشرةً، وإنما تتبع للميليشيات العلويّة والشيعيّة بالمحافظة، ويُشرف على أغلبها ضباط من المخابرات الجويّة.
ويُضيف “المرصد” قائلاً، من أشهر هذه المُعتقلات معتقل “دير شميّل” القريب من بلدة دير شميّل بريف حماة الغربي، والذي يُعتبر أسوأ المُعتقلات السوريّة حتى كُتب على بوابته “دير شميّل.. الموت البعيد المنال”، ويُشرف على السجن شبيحة العميد السابق “وليد أباظة” وبعض ضباط وعناصر مفرزة مصياف.
ويُكمل “المرصد” قوله، وكذلك من بين المُعتقلات السيئة جداً معتقل “معسكر جورين” في سهل الغاب، والذي يخضع للأمن العسكري والمخابرات الجويّة والمجموعات الطائفية بريف حماة الغربي، وبداخله خليط من المعتقلين المدنيين والثوار.
وأردف “المرصد” قائلاً، يُضاف إلى تلك المعتقلات معتقل “مطار حماة العسكري”، حيث أَسس هذا المعتقل العميد “سهيل الحسن” منذ أوائل الثورة السورية، وأشرف بنفسه على اعتقال وقتل الآلاف داخله.
كما نوّه “المرصد” بقوله، وكذلك يوجد معتقل داخل اللواء 47 جنوب شرق مدينة حماة، ويتبع هذا المُعتقل للميليشيات الايرانية المُسيطرة على اللواء منذ عدة سنوات.
وأسهب “المرصد” بكلامه قائلاً، وهناك بعض السجون غير المعروفة موجودة بالقرب من قرى “العبر” و “سلحب” و “عين الكروم” بريف حماة الغربي، والتي تُسيطر عليها مجموعات الشبيحة التابعة للعميد “سهيل الحسن” والمدعو “أكرم شلّي” وآل محفوظ، وتُستخدم هذه السجون لابتزاز الناس من موالين ومُعارضين.
مُعتقلات بدون قانون
رغم سوء تعامل القضاء والقانون السوريّ بما يخصّ معتقلي الرأي، إلاّ أنّه يبقى أفضل من شريعة الغاب والحقد التي تنتهجها المعتقلات غير الرسمية، وخاصة من حيث أسباب الاعتقال وطرق التعذيب والتحقيق، والإفراج –إن حصل-.
وبهذا الجانب قال المحامي والناشط الحقوقي “عبد الناصر حوشان” لأورينت نت، إنّ كل معتقل غير السجون التابعة لوزارة الداخلية هو مُعتقل خارج عن القانون، وما أكثرها بسوريا، كسجون الأفرع الأمنيّة والمُعتقلات التي أنشأها النظام وموالوه داخل معسكرات التدريب والمدارس والمراكز الحكومية والملاعب.
وأضاف “حوشان” قائلاً، أغلب المعتقلين في هذه المعتقلات لا يخضعون إلى المحاكم، وباتت تستخدم للابتزاز المالي للمعتقلين وذويهم، بالإضافة للمُبادلة عليهم بأسرى عند فصائل المعارضة.
وأشار “حوشان” بقوله، إنّ جميع المُعتقلين لا يتم اعتقالهم بمذكرات اعتقال من حكومة النظام، وإنما حسب تقارير مخابراتية أو لحسابات شخصية وكيديّة، ولذلك النظام لا يجرؤ على فتح ملف هذه المعتقلات، وخاصة بعد كثرة جرائم القتل تحت التعذيب للمعتقلين، وبأساليب أكثر نازيّة من معتقلات النظام، حسب قول “حوشان”.
معتقلاتٌ للموت والابتزاز
أكّد ناشطون عن وجود أكثر من 4000 معتقل داخل سجن “دير شميّل” وحده، وأكثر من 2000 معتقل داخل معتقلات “معسكر جورين”، عدا عمّن مات تحت التعذيب أو خرج بعد ابتزازه ماليّاً أو مبادلته مع أسرى عند فصائل المعارضة.
ويؤكد الناشط “أحمد ياسين” وهو مُعتقل سابق بدير شميّل لأورينت نت قائلاً، تم اعتقالي أثناء خروجي من ريف حمص إلى ريف ادلب عبر بعض المُهربّين بريف حماة الشرقي، ثم تمّ اغلاق عيوني وأخذي إلى ريف حماة الغربي لأجد نفسي داخل معتقل دير شميّل.
ويُضيف “ياسين” لأورينت نت قائلاً، لقد اُعتقلت عند النظام سابقاً لعدة شهور بداية الثورة، ولكنني لم أرَ مثل التعذيب داخل معتقل دير شميّل بسبب الحقد الطائفي المزروع داخل شبيحة هذا المعتقل، فكانت طرق تعذيبهم أكثر وحشية كالمثقاب الكهربائي والمطرقة الحديدية وكسر المفاصل وغيرها من فنون التعذيب المبتكرة عندهم.
وبيّن “ياسين” لأورينت نت بقوله، بعد بضعة شهور من التعذيب بدؤوا بالاتصال بأهلي وخيّروهم إما بدفع مبلغ ماليّ قدره 10 آلاف دولار، أو السعي لاستبدالي بثلاثة جنود (علويين حصراً) كان قد تمّ أسرهم بمعركة جسر الشغور من قبل جيش الفتح، وبالفعل استطعنا تأمين المبلغ المالي وبالتالي تم الإفراج عني بعد أن تسبّبوا لي بكسرٍ في الكتف وإعادة كسر رجلي المكسورة سابقاً والتي بداخلها صفائح حديدية.
بينما صرّح “محمد الصطوف” وهو أحد أهالي سهل الغاب لأورينت نت قائلاً، أغلب المعتقلين داخل تلك المعتقلات غير الرسمية هم من المدنيين الذين لا علاقة لهم بالثورة أو النظام ويذهبون لمناطق النظام، ومثال على ذلك جارنا “محمود الحسن” الذي اعتقلته شبيحة النظام بالقرب من السقيلبية أثناء توجهه لمديرية التربية بحماة.
وأضاف “الصطوف”، تم اقتياد الأستاذ “محمود الحسن” إلى سجنٍ سريّ بالقرب من قرية “العبر” الموالية من قبل شبيحة بيت محفوظ، وبعد أيام اتصل بأهله بعض الشبيحة طالبين مبلغاً من المال قدره مليونا ليرة سورية وإلا سيتم قتله، ولكن رغم دفع أبناء الاستاذ “محمود” المبلغ المطلوب، إلاّ أن الشبيحة قتلوا الأستاذ حرقاً بعد أخذهم للمبلغ، ومثل حالة الأستاذ “محمود” مئات وآلاف الحالات داخل تلك المعتقلات التي أصبح معتقلوها يتمنون الموت ولكنهم لا يجدوه أحياناً، حسب كلام “الصطوف”.
أورينت نت – عمر حاج أحمد