يمعن أنصار حزب الله بدعم الحصار الذي يفرضه بالتعاون مع قوات الأسد على بلدة مضايا في الريف الدمشقي. وبالرغم من الصور المرعبة لعشرات الرجال والأطفال الذين حولهم الجوع نتيجة حصار البلدة إلى هياكل عظمية، لم يتعاطف أتباع ميليشيا حزب الله مع هؤلاء الجياع، بل أطلقوا “هاشتاغ” (#متضامن_مع_حصار_مضايا) رداً على هاشتاغ (#متضامن_مع_مضايا) للسخرية من مآساة ترقى لأن تكون جريمة حرب وفق تصنيفات الأمم المتحدة.
مصور في إحدى القنوات اللبنانية ينشر صورته من داخل ثلاجة بيته ويكتب ساخرا: “أنا متضامن مع حصار مضايا، ومراسل قناة المنار التابعة لميليشيا حزب الله حسين مرتضى ينشر صورة لهيكل عظمي ويعلق نفس التعليق الساخر، وعشرات آخرون وربما المئات شاركوا هاشتاغ الشماته هذا مرفقاً مع صور مأكولات وحلوى أطفال، خصوصاً أن أكثر من تضرر من حصار حزب الله للبلدة هم أطفال مضايا الذين يعيشون اليوم على وجبة من أوراق الأشجار وشرب الماء والملح.
سقوط أخلاقي هو ليس الأول ولن يكون الأخير لأتباع ميليشيا حزب الله يقول الناشط المدني ياسين الجوبراني من مدينة سقبا ويضيف: “التفاعل الإعلامي الكبير مع قضية حصار مضايا دفع أنصار الميليشيا وأتباع زعيمها نصر الله إلى اطلاق هذا الهاشتاغ اللاإنساني على أقل تقدير، هم يريدون تسطيح الجريمة والعمل على تمييعها، خصوصا وأن مرتزقة المليشيا لا يمكنهم انكار الحصار أو إلصاق التهمة بجهات مجهولة أخرى كعادتهم”. ويؤكد الجوبراني أن حجم مأساة أهالي مضايا لا يمكن إنكاره، والصور التي خرجت من البلدة المحاصرة أحرجت حتى الأمم المتحدة.
أكثر من 32 مدنياً قضوا نتيجة الحصار المتواصل منذ أشهر على بلدة مضايا، فضلاً عن مئات الحالات المرضية بسبب الجوع ونقص الدواء، كل هذه المشاهد كانت المحرك لحملة استنكار دولية، أطلقها ناشطون سوريون وانتشرت بسرعة كبيرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.. شبكات الأنباء الدولية، والقنوات الإخبارية في العديد من دول العالم تفاعلت مع حصار مضايا، بحسب متابعون للقضية في مختلف دول العالم.
حتى في لبنان ارتفعت الأصوات المنادية بوقف الحصار وفتح ممرات إنسانية إلى مضايا، ليس ذلك فقط، بل هناك أصوات شيعية “الحاضنة المفترضة لميليشيا حزب الله” أبرزها الإعلامي اللبناني نديم قطيش، والكاتب الصحفي علي الأمين الذي كتب يقول : “أشعر بالعار، ليس لأنني لبناني فقط، ولا لأنني شيعي، ولا لأنني ابن الجنوب، الذي بعض شبّانه يجوّعون أطفال مضايا، بل لأنّني تناولت طعام الغداء قبل أن أكتب هذه المقالة. أشعر بالعار لأنّني متخم. سامحونا يا أهل مضايا. سامحونا ولا تؤاخذونا بما فعل السفهاء منّا”.
وأصدر مثقفون لبنانيون شيعة بيانا نشر على الإنترنيت جاء فيه إدانة شديدة اللهجة لمنطق توازن الموت ونهج الحصار، ورفض قاطع لأن يشارك لبنانيون في الهلوكوست السوري بحجة القضاء على الإرهاب، ورفض تحميل تبعات ما جرى ويجري للطائفة الشيعية في لبنان والتي تضم آخرون يرفضون نهج ميليشيا حزب الله في سوريا، إضافة للمطالبة بسحب العناصر اللبنانيين الذين يقاتلون إلى جانب قوات الأسد في سوريا، ودعم الحل السياسي في الدولة الجارة.
وكان قد خرج مئات اللبنانيين في مظاهرة حاشدة أمس الجمعة تضامناً مع بلدة مضايا، التي تحاصرها قوات الأسد ومليشيا حزب الله، وقطعوا طريق دمشق–بيروت الدولي قرب منطقة المصنع على الحدود مع سوريا.
كما شهدت عدة مدن وبلدات سورية في المناطق المحررة والمحاصرة مظاهرات حاشدة للمطالبة بفك حصار مضايا. حيث خرجت مظاهرة حاشدة في حي الوعر المحاصر أساسا في حمص المدينة للمطالبة بانقاذ أطفال مضايا من شبح الموت جوعاَ. وفي إدلب احتشد المئات لنصرة مدينة مضايا وبقية مناطق الريف الدمشقي المحاصر. وفي الغوطة الشرقية، خرج أهالي دوما بمظاهرة حاشدة غير آبهين لقصف الطيران الروسي وطالبوا بفحك الحصار فوراً عن مضايا وكافة المدن والبلدات السورية، ومحاسبة الأسد وميليشيا حزب الله.
كما أضرب العشرات من المهجرين السوريين في عدة مخيمات على الحدود السورية التركية عن الطعام؛ تضامنا مع المحاصرين في بلدة مضايا، وذكرت مصادر ميدانية أن الإضراب رسالة إلى المجتمع الدولي لإنقاذ آلاف المحاصرين العزل الذين تحيط بهم آلة القتل الأسدية والميليشيات الطائفية”.
يذكر أن أكثر من 40 ألف مدني سوري في بلدة مضايا بريف دمشق الغربي تحاصرهم إلى اليوم قوات الأسد وميليشيا حزب الله اللبناني، وتمنع إدخال أي مواد غذائية أو طبية بشكل تام منذ سبعة أشهر.
أخبار الآن