قال مسؤولون أميركيون إن إدارة الرئيس باراك أوباما بدأت تبحث اتخاذ ردود أقوى إزاء هجوم الحكومة السورية المدعوم من روسيا على حلب، بما في ذلك الردود العسكرية في الوقت الذي هز فيه تزايد التوتر مع روسيا الآمال في الوصول لحلول دبلوماسية لأزمات على أصعدة مختلفة.
وتجري المناقشات الجديدة على مستوى موظفي البيت الأبيض، ولم تتمخض عنها أي توصيات لأوباما الذي قاوم إصدار أوامر باتخاذ إجراء عسكري ضد الرئيس السوري بشار الأسد في الصراع المتعدد الأطراف بالبلاد.
غير أن المناقشات تتزامن مع تهديد وزير الخارجية الأميركي جون كيري بوقف المساعي الدبلوماسية مع روسيا فيما يتعلق بالأزمة السورية وتحميل موسكو المسؤولية عن إسقاط قنابل حارقة على المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في حلب.
وكان هذا أشد تحذير أميركي للروس منذ انهارت في 19 سبتمبر/أيلول هدنة توسط فيها الجانبان.
رد أوباما
حتى مؤيدو اتخاذ رد أميركي أقوى قالوا، أمس الأربعاء، إنه من غير الواضح ما سيتخذه الرئيس إن كان سيتخذ خطوات من الأساس، وإن خياراته “تبدأ من عند تشديد اللهجة”، كما ورد على لسان أحد المسؤولين.
وقال مسؤول إنه قبل إمكانية اتخاذ أي إجراء سيتعين على واشنطن أولاً أن “تنفذ تهديد كيري وتوقف المحادثات مع الروس” بشأن سوريا.
لكن استخدام القوة الجوية الروسية المكثف في سوريا فاقم من عدم ثقة الولايات المتحدة بنوايا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ليس فيما يتعلق بالصراع السوري وحسب بل وفي الصراع الأوكراني وفي هجمات إلكترونية على أهداف سياسية بالولايات المتحدة يقول مسؤولون أميركيون إنها مدعومة من روسيا.
وقال المسؤولون الأميركيون إن إخفاق المساعي الدبلوماسية في سوريا لم يدع أمام إدارة أوباما خياراً سوى البحث عن بدائل معظمها يتضمن استخدام القوة بشكل أو بآخر وجرى بحثها من قبل لكن تقرر تعليقها.
تزويد المعارضة بالسلاح
ومن هذه البدائل السماح للحلفاء الخليجيين بتزويد المعارضة بأسلحة أكثر تطوراً، وهو أمر يعتبر أكثر ترجيحاً رغم معارضة واشنطن له حتى الآن.
وقال مسؤولون لرويترز – شريطة عدم ذكر أسمائهم – إن من البدائل الأخرى توجيه ضربة جوية أميركية لإحدى قواعد الأسد الجوية، وهو ما يعتبر أقل ترجيحاً لما يمكن أن يحدثه من خسائر بشرية بين الروس.
وأضاف المسؤولون أن الخيارات الجاري بحثها محدودة من حيث العدد ولا تصل إلى حد التزام واسع النطاق بالمشاركة بقوات أميركية، وهو أمر طالما رفضه أوباما الذي لم يتبق له في منصبه سوى 4 أشهر.
ويقول منتقدو سياسة أوباما في سوريا إنه حدد هدفاً يتمثل في رحيل الأسد لكنه لم يوفر الوسائل الكافية لتحقيق تلك الغاية من خلال تسليح المعارضة في وقت أكثر تبكيراً وعلى نحو أكثر قوة أو السماح لحلفاء الولايات المتحدة بفعل هذا أو استخدام القوة العسكرية الأميركية لإحداث تغيير في مسار الصراع.
وبالإضافة إلى هذا يقول خبراء من داخل الإدارة وخارجها إن أوباما أخطأ حين تراجع عن توجيه ضربات جوية إلى سوريا لتطبيق “خط أحمر” أنذر حكومة الأسد من تجاوزه إن هي استخدمت أسلحة كيماوية. وهم يرون أن النتيجة كانت إضعاف مصداقية الولايات المتحدة لدى موسكو ودمشق وغيرهما؛ لأنه بات هناك إدراك بأن أوباما لن يفي بكلمته ولن يتبع القول بالفعل.
على حين غرة
قال مسؤولان أميركيان إن السرعة التي تقدم بها السوريون في حلب وانهار بها المسار الدبلوماسي أخذت بعض مسؤولي الإدارة على حين غرة. فسقوط حلب سيعيد سيطرة الأسد إلى أهم مدينة في غرب سوريا وسيوجه ضربة مدمرة للمعارضة المسلحة.
ونتيجة لذلك انحسرت قائمة الخيارات حسبما قال أحد المسؤولين لتقتصر على دعم الهجمات المضادة التي تشنها المعارضة في مواقع أخرى بمزيد من الأسلحة أو حتى الضربات الجوية التي “قد لا تغير مسار المعركة لكنها ربما تدفع الروس للتوقف والتدبر.”
وقال مسؤول آخر إن إمدادات الأسلحة لن تشتمل على الصواريخ المحمولة المضادة للطائرات التي تخشى إدارة أوباما أن تقع في أيدي مقاتلي الدولة الإسلامية أو الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة.
وذكر المسؤولون أن الخيار الأخطر وإن كان يعتبر الأقل ترجيحا هو توجيه ضربة جوية أمريكية لقاعدة جوية سورية بمنأى عن القتال بين قوات الأسد وقوات المعارضة في الشمال.
أفكار تبحث
ومن الأفكار الأخرى الجاري بحثها إرسال مزيد من قوات العمليات الأمريكية الخاصة لتدريب الجماعات الكردية وغيرها من فصائل المعارضة السورية ونشر قوة بحرية وجوية أمريكية ومن دول حليفة في شرق البحر المتوسط حيث تتوجه بالفعل حاملة طائرات فرنسية.
وقال مسؤول إن مسؤولي الإدارة الأمريكيين بحثوا إرسال معونات إنسانية جوا لمناطق خاضعة لسيطرة المعارضة وهو ما سيتطلب مرافقة من جانب طائرات حربية أمريكية لكنهم اعتبروا هذا الخيار ينطوي على مخاطر شديدة وأنزلوه إلى مرتبة متدنية في القائمة.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية جون كيربي أمس الأربعاء إن المسؤولين الأمريكيين المشاركين في عملية النقاش المتعلقة بالأمن القومي تناولوا خيارات أخرى تخص سوريا “لا تدور حول الدبلوماسية”. وامتنع عن ذكر تفاصيل.
ونبه المسؤولون الأمريكيون إلى أنه لن تكون هناك قرارات وشيكة نظرا لسفر وزير الدفاع آشتون كارتر واعتزام أوباما ومسؤولين كبار آخرين حضور جنازة الرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريس يوم الجمعة.
هافنغتون بوست