العرب- وداد جرجس سلوم
فنانة وكاتبة سورية احتجت بصوتها على أساليب العنف الرهيبة التي تقوم بها الأنظمة لقمع أحلام الشعوب العربية وونورها.أمل حويجة كاتبة وممثلة سورية، ومدبلجة شخصيات أفلام الكرتون الأكثر شهرة في العالم العربي، حصلت على إجازة في الفنون المسرحية من دمشق عام 1984، وشاركت في بطولة أكثر من خمسة وعشرين عملا مسرحيا، كانت مع أهم المخرجين السوريين كفواز الساجر ومانويل جيجي ومنصور السلطي ونادر القاسم وغيرهم، وكان وجود اسمها على معلقة العمل المسرحي كفيلا باستقطاب جمهور أوسع من المعتاد للعرض المسرحي. التقتها جريدة “العرب” للتعرف عليها كقاصة وكاتبة مسرحية للأطفال واليافعين.
لا يخفى على أحد أن الكتابة للأطفال من أصعب الفنون الأدبية لما تنطوي عليه من أثر على شخصيات قيد التشكل، وعقول تتكون وتتبلور أفكارها في زمن الثورات والحروب والفوضى التي تجتاح مجتمعنا العربي من المحيط إلى الخليج، ففي عام 2009 حصلت أولى المجموعات القصصية “خطفني الديك… حكايات ليست للصغار” للكاتبة والمسرحية السورية أمل حويجة على الجائزة الأولى في مسابقة كتب الأطفال السورية، التي تنظمها مؤسسة “أنا ليند الأورو ـ متوسطية للحوار بين الثقافات”، والمجموعة عبارة عن 24 قصة قصيرة تنطلق في أغلبها من الواقع لتجنح إلى الخيال والأسطورة والخرافة. وجاء هذا الإصدار بعد عملها في مجلة “ماجد” الأسبوعية التي تصدر عن شركة أبوظبي للإعلام.
حكايات ليست للصغار
عمّا إذا كانت طبيعة عمل أمل حويجة في مجلة “ماجد” الأسبوعية قد حرضتها على إصدارها الأدبي “خطفني الديك: حكايات ليست للصغار”، وعن اختيارها عنوانا ملحقا بالعنوان الأساسي “حكايات ليست للصغار”، تجيب الكاتبة: “المحاولات قديمة والرغبة في الكتابة حاضرة، لكني كنت مكتفية بالقراء أصدقائي والمقربين، وكنت أخشى النشر وأخشى استسهال الأمر. لكن عندما استلمت تحرير موقع مجلة “ماجد”، وصرنا، أنا وقراءها من الأطفال واليافعين، على تواصل يومي، بدأت أكتب لهم الحكايات وأستمتع بردود أفعالهم وبتحريضهم أيضا على المبادرة والكتابة. وصارت الكتابة والقراءة فعلا يوميا، وملجأ، وكان “خطفني الديك”، وعبارة “حكايات ليست للصغار”، هو قراءتي لمشاعر هذا العمر ما بين “12-18”، والذين لا يعتبرون أنفسهم صغارا ويعانون من نظرة الكبار إليهم كصغار، فكانت عبارتي المطمئنة والمؤكدة أن الحكايات لهم”.
شعوبنا تتعرض يوميا لأبشع أنواع العنف والجريمة والقهر والشك في كل شيء، وهذا أبشع من العنف
في عام 2011 أصدرت دار ممدوح عدوان للنشر والتوزيع مجموعة قصصية بعنوان “ح…ب” لأمل حويجة وكالعادة يحمل الغلاف توصيفا لها بعبارة “لمن كبروا… أمس”، تقول أمل حويجة عن هذه المجموعة: “ح..ب” مجموعة قصص قصيرة، مرحة ووجدانية، والعنوان مستوحى من طريقة اليافعين في التعبير أحيانا عن مفردات قلوبهم وشغفها. وقد كتبت إلى جوار العنوان أيضا “لمن كبروا أمس” وأقصد اليافعين، الذين أريد التأكيد لهم دوما أنهم كبروا”.
أمل التي اعتبرت أن فعل الكتابة ملجأ تطالعنا بنص “هُس” الصادر عن دار الأصابع الذكية، والذي وقعته حويجة في معرض كتاب الشارقة الدولي عام 2012، أهدته لفتيان سوريا الذين رقصوا وغنوا للخلاص من الدكتاتورية، وللفتيان الذين شاهدوا بأعينهم الجريمة، وتدور أحداث النص في عالم افتراضي لكنه أقرب ما يكون إلى الوطن السوري.
لأمل حويجة كذلك إسهامات في مسرح الطفل، قد لا يكون أولها مسرحية “عطر الليل” التي جاءت ضمن قائمة النصوص العشرين الأفضل في مسابقة تأليف النص المسرحي الموجه للأطفال عام 2014، والتي تنظمها الهيئة العربية للمسرح، تخبرنا حويجة أنها قيد النشر، وتضيف: كتبت قبلها مسرحية “أوا” التي عرضت في المسرح القومي بدمشق عام 2001 ولم تنشر، وحاليا أكتب مجموعة للمسرح المدرسي من وحي مشاكل الطالب ومعاناته في المدرسة.
وقد أعلنت حويجة في حوارات سابقة أنها تكتب نصا مسرحيا بطلته بائعة سوبرماركت في دمشق، ويتناول النص كل ما تشاهده هذه البائعة وتسمعه من محيطها عن الأحداث التي تجري في سوريا، ورغبنا في معرفة مصير هذا النص المسرحي، كون فكرته الأساسية توحي بأننا أمام عمل ينطلق من قاع الواقع السوري بكل ما فيه من تناقضات وأحداث، فقالت: هو نص مسرحي كتبته كهيكل ليكتمل بالارتجال على المسرح، ولم ينجز بعد ولأسباب كثيرة، منها إيجاد فريق مسرحي منسجم في حالة تشتت أصدقائنا كل منهم في بلد. ومنها عدم توفر المكان والتمويل، أجد نفسي في غالب الأحيان ألجأ إلى “المينودراما”، وأكف عندما أرى أن هذا اللجوء سببه الظروف وليست الحاجة الدرامية للنص.
الثورة السورية تراجيديا حرية وثقافة رغم ما ألبسوها من ظلام
في حين أن الكثير من الأدباء والفنانين يعتقدون بأنه لا يمكن التعبير عن الأحداث المفصلية في التاريخ، بما فيها الحروب والأحداث الجسام إلا بعد انتهائها واتضاح معالم نتائجها، وما أفرزته على أرض الواقع من سلبيات وإيجابيات، عن رأي الفنانة والكاتبة أمل حويجة في الكتابة عن الحالة السورية، وإن كانت مستعصية طالما الأحداث مازالت قائمة وتجري في اتجاهات لا يمكن توقعها أو التكهن بها، تقول: لقد أنتج خلال السنوات الأربع الماضية الكثير من الأعمال الرائعة من كتابة وسينما ومسرح ونحت ورسم وغناء وموسيقى، إنها تؤكد أن الثورة السورية ثورة حرية وثقافة ومعرفة وليس كما أحيطت به من ظلام. الحالة السورية تحتاج الجميع للتوثيق طبعا وللتأكيد بأن الثورة شرف نستحقه وجديرون به.
صرخة الحلم
اختارت حويجة في مهرجان الشارقة السينمائي الدولي للطفل في دورته الثانية، أن تصرخ بصوت ماوكلي فتى الأدغال معلنة السلام العالمي، وحول سبب اختيارها صوت ماوكلي لإيصال رسالتها حول السلام العالمي دون باقي الأصوات الكثيرة التي قامت بأدائها والمحببة للشباب العربي، تجيب: دعيت إلى مهرجان الشارقة السينمائي الدولي للطفل لأحدثهم عن بعض أعمالي، كفتى الأدغال والكابتن ماجد ورامي الصياد الصغير وعن جميع ما لعبته من أدوار يتذكرها الشباب الآن بحب وعاطفة كبيرة. وأتيحت لي الكلمة لأحدثهم عن تجربتي الشخصية، وفي حالتنا السورية صار الشخصي لا يساوي شيئا أمام الوجع العام، فأنهيت كلمتي برسالة من ماوكلي الذي ترك الغابة ليعيش مع البشر مؤكدا إنسانيته، لأحتج بصوته على العنف الرهيب الذي يقوم به البشر، ولأعلن أن الغابة بقوانينها أرحم. وهو صوتي الذي يحتج على أساليب العنف الرهيبة التي تقوم بها الأنظمة وتساعدها الدول العظمى بأكملها لتقمع أحلام شعوبنا ونورها.
وحول رؤيتها لدور المثقف العربي، وما إذا كانت تعتقد أنه حاليا يقوم بما يجب، وبما تمليه عليه واجباته بأن يكون بوصلة المجتمعات المأزومة التي تعيش الفوضى في كافة مناحي حياتها، تقول الكاتبة: الثورة طالت الجميع، حتى من اختار النأي عنها، الثورة طالت الجميع شاؤوا أم أبوا، شعوبنا تتعرض يوميا لأبشع أنواع العنف والجريمة والقهر والشك، الشك في كل شيء وعدم الثقة بشيء، وهذا أبشع من العنف. المثقف تعرض للقمع والعنف وكان هدفا أيضا، ومع ذلك وصل الصوت من أسماء معروفة ومن أسماء شابة تعرفنا عليها.
وتؤكد أمل حويجة أنها حاليا تعمل على مشروع مسرحي مع الفنانة السورية زينة ظروف، وقد يرى النور قريبا، وليس هو المشروع الوحيد قيد الإنجاز، بل هناك كتابات وبرنامج تلفزيوني للأطفال.