ليس الموت وحده ماتخلفه الغارات والبراميل المتفجرة التي تنهال بشكل يومي على الأحياء السكنية في المناطق السورية المحررة، بل تسبب دمارا واسعا في الأبنية وإن لم تدمر الحجر يكون الكسر مصير زجاج النوافذ وواجهات المحال لتتحول لشظايا قاتلة وإن صغر حجمها.
ويعاني الأهالي من مشكلة إعادة إصلاح ماتم تخريبه في منازلهم ولعل ارتفاع أسعار مواد البناء الأولية من حجارة واسمنت يحول دون ذلك في معظم الأحيان، وكثير منهم يهمل الغرف التي تضررت ولم تعد صالحة للسكن بسبب الخوف من استهداف النظام مرة أخرى لها.
وطيلة سنوات الحرب برع السوريون بإيجاد وسائل بديلة أقل تكلفة وتفي بالغرض والهدف منها استمرار الحياة، فكانوا في البداية يستعيضون عن ألواح النوافذ الزجاجية “بالنايلون” المقوى خشية من استبدالها بالزجاج الذي من الممكن أن يكسر من جديد بفعل الصواريخ فضلا عن تكلفته المرتفعة حيث يتراوح سعر المتر منه مابين 4 آلاف إلى 7 آلاف بحسب نوعه، إلا أن النايلون لا يمكن أن يمنع حر الصيف وبرد الشتاء وقساوة الظروف المناخية.
لذلك انتشرت ألواح البلاستيك أو ماتسمى في الشمال السوري ألواح “الكربون”، وهي عبارة عن عدة طبقات من البلاستيك ومتوفر بلونين الأبيض والبرونزي، وكانت هذه الألواح تستخدم سابقا لسقف المسابح أو في البيوت البلاستيكية أو تستعمل كمظلات أمام المحال التجارية، ولها عدة ميزات أهمها شكلها مشابه للزجاج ويدخل الضوء عبرها، وهي ضد الكسر تماما حيث تتحمل الضغوط العالية والصدمات القوية، ومقاومة للاحتراق ولاتساعد على الاشتعال، بالإضافة لخفة وزنها.
يقول رامي وهو نجار ألمنيوم في مدينة ادلب:” ازداد الطلب في الآونة الأخيرة على ألواح الكربون بسبب انخفاض ثمنها وقلة ضررها لدى تعرضها للقصف مقارنة بالزجاج، فيبلغ سعر المتر الواحد منها “1600” ليرة، ونظرا لاقتراب فصل الشتاء فإن من تضرر منزله وتحطم زجاج نوافذه يسعى لاستبداله قبل أن يحل فصل البرد والأمطار”.
تقول أم سالم من مدينة ادلب:” تعرض منزلنا للقصف 4 مرات وفي كل مرة يدمر قسم من المنزل، ورغم ذلك عازمين على البقاء والعيش تحت رحمة الطائرات والقصف على أن نعيش نازحين أو لاجئين، وحاولنا أن نصلح مايمكن وفق قدرتنا المادية البسيطة ولجأنا أخيرا لألواح الكربون كونها أرخص وإن تعرضت لضغط الصواريخ تبقى ثابتة ولاتتطاير على شكل شظايا قاتلة”.
وتشهد مدينة ادلب وريفها حملة عسكرية مكثفة من طيران النظام وحليفه الروسي انتقاما لتقدم الثوار المستمر في ريف حماه الشمالي، وتحدث تلك الغارات دمارا واسعا بما فيها الارتجاجية التي استخدمها مؤخرا ما يجبر الأهالي على إصلاح ما أمكن في منازلهم بعد أن رفضوا النزوح أو اللجوء إلى الدول المجاورة، فهم مجبرون على التعايش مع هذا الوضع وانتظار فرج قريب، آملين أن تنتهي الحرب ليعيشوا بسلام.
المركز الصحفي السوري ـ سماح الخالد