انعكست مؤثرات الحرب بسلبياتها على كافة فئات الشعب السوري، لكن الطفولة نالت النصيب الأكبر منها، فتجسدت عند الأطفال عندما تعايشوا مع الظروف المريرة حولهم، وقلبوا المعادلة لصالحهم داخل سوريا، إلا أن رسوماتهم كانت المعبر الأمثل عن معاناتهم في دول اللجوء، واستمر الأطفال باللعب، لكن بأدوات وطرق أخرى مأخوذة من مشاهد الدم بالشارع السوري غير المعتادة سابقا.
شادي العمر مدرب مهارات الأطفال يقول: “من الطبيعي جداً أن يلعب الأطفال في ظل الحروب والأزمات ألعاباً تتعلق بالظروف السائدة حولهم، والتي لا يمكن تجاهلها، ويعتبر ذلك رد فعل طبيعي على الحرب أو الأزمة، ولكنه أمر غير طبيعي في الأحوال المستقرة أو العادية”، من هنا تتوجه أنظار المختصين إلى رسومات أطفال سوريا في الخارج التي غلب عليها الدم القتل والقصف والتهديم بل وحتى القوارب في البحر والغرق إلى جانب الغابات والخيم.
معارض وتجمعات واحتفالات ترفيهية للأطفال تقوم باستمرار في دول اللجوء بغية التخفيف من حدة الوقع النفسي للحرب عليهم، فضلاُ عن محاولات عدة لدمجهم بالمجتمع الذي يعيشون فيه، خاصة الأطفال المعوقين.
معرض ميونيخ بألمانيا الذي أقيم في صالة خاصة بمقر “بيت واحد للعالم ” عرض فيه 50 لوحة لرسومات أطفال عرب أجبرتهم الحرب على مغادرة بلادهم، اتضح من خلالها مدى تأزم نفسيتهم بسبب الأحداث التي واكبوها.
أم محمود لاجئة في ألمانيا، وهي من حمص القديمة تقول:” إن أكثر ما أعاني منه الآن، كيفية التعامل مع أطفالي الذين مازالوا يعيشون بأفكارهم داخل طرقات حمص القديمة، مقيدين بذكريات الحصار، فآخر لوحة رسمها محمود صورت الشمس والشجر وجميع ما حولها في حالة البكاء من شرفة غرفته سابقاً”.
دورين روزنر الناشطة الاجتماعية في مجال الأطفال تقول:” لابد من دمج أطفال الحروب في المجتمع الألماني لأن معاناتهم كبيرة عندما يجدون أنفسهم بعالم لم يألفوه من قبل ولغة يسمعونها لأول مرة، فيتأخر بعضهم في النمو والكلام، وآخرون يصابون بإعاقات ذهنية وسلس بولي”.
كندا وجهت رسالة انسانية قوية أيضاً عندما سارعت للمساهمة بدعم أطفال سوريا فاستقبل أطفالها من المسلمين والمسيحيين أطفال سوريا اللاجئين بالأنشودة الاسلامية “طالع البدر علينا ” على أنغام الكورال وبكافة اللغات.
ناهيك عن المنظمات الإغاثية، والمبادرات التطوعية التي تمارس عملها بالوقوف إلى جانب أطفال سوريا اللاجئين، باعتبار أن الأطفال هم من دفعوا الثمن الأغلى نتيجة لعنف الكبار، ومنها منظمة ” أطباء العالم ” العالمية التي تساعدهم بالمملكة المتحدة في شتى الوسائل الطبية الممكنة، مع مبادرة ” إنقاذ طفل ” الموفرة للخدمات الأساسية من غذاء ووسائل ترفيهية لهم.
لكن بمقابل تلك اللفتات الحاضنة للطفولة ظهرت وجهات نظر مختلفة بعض الشيء، وكان من أبرزها تصريح رئيس وزراء بريطانيا كاميرون متحدثاً لموقع أخبار الآن، أن بلاده ستستقبل 20 ألف لاجئ سوري لكنها سترّحل فئة الأطفال بعد بلوغ سن الثامنة عشر بغض النظر عن أن تلك الفئة رأت ببلاده ملجأً للحياة ونيل الحقوق.
أطفال يحملون صديقهم ويرددون الشهيد حبيب الله، طفلين يتعاركان على أن أحدهما من الجيش الحر والآخر من عناصر النظام الأسدي، طفلة تداوي جراح آخيها بعد القصف، كلها ألعاب يمارسها أطفال سوريا ويرسموها مترافقة بأجواء الحرب من طائرات ودبابات مع جنود، فهل حقاً ستندمل جراحهم في دول اللجوء أم ستزداد، وهل أن هناك مصالح قومية تجري على خلفية العناية بهم من قبل البعض؟؟
محار الحسن
المركز الصحفي السوري