المركز الصحفي السوري
علي الحاج أحمد 4/11/2015
يتجاهل المجتمع الدولي الأزمة الإنسانية الكبيرة التي تواجه السوريين في داخل سوريا وخارجها، ويتركز اهتمامه على القضايا السياسية، والتطورات العسكرية، ومبادرات الحل السياسي للأزمة السورية التي تطرح هنا وهناك، ولعل أهم هذه الأزمات هو خطر انعدام الجنسية، الذي يهدد اللاجئين السوريين نتيجةً لعدم امتلاكهم أية وثائق رسمية أو أدلة تثبت ميلادهم، الأمر الذي سيحرمهم من إثبات جنسيتهم مستقبلاً، وبالتالي عدم الاستفادة من الحقوق التي تترتب على رابطة الجنسية.
تقرير جديد اصدرته المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، يسلط الضوء على الآثار طويلة الامد على الاطفال الذين يولدون بدون جنسية مثل حرمانهم من الرعاية الصحية والتعليم والحصول على الوظائف مستقبلا.
قالت الامم المتحدة يوم أمس الثلاثاء، ان طفلا بدون جنسية يولد كل 10 دقائق محذرة من ان المشكلة ستتفاقم مع ازمة المهاجرين واللاجئين الناجمة عن النزاع في سوريا.
وتشتد هذه المشكلة بشكل خاص بين المهاجرين واللاجئين المتأثرين بالصراعات، بحسب التقرير الذي أطلقه رئيس المفوضية انتونيو غوتيريس في مقر الامم المتحدة في نيويورك الاربعاء.
واشار التقرير الى ان الاطفال في سوريا يستطيعون الحصول على الجنسية من خلال آبائهم، ولكن الحرب الاهلية اجبرت أكثر من 4 مليون طفل على الفرار من بلادهم وخلفت 25% من العائلات اللاجئة دون اب.
السيدة “صفاء” من ريف إدلب الجنوبي، أجبرتها الحرب على الفرار إلى لبنان مع زوجها، تقول: “لقدد غادرت سوريا في بداية الحرب، وكنت حينها حامل، لقد ولدت طفلي (باسم) في مخيمات لبنان، والآن أصبح عمره أربع سنوات ولم أستطع الحصول على شهادة ميلاد تثبت أن ولدي سوري”.
لقد أجبرت الحرب في سوريا كذلك مئات الالاف على اللجوء الى اوروبا، ومن بينهم نساء أنجبن اثناء محاولتهن عبور الحدود، كما أن هناك عوائل غادرت سوريا وليس معها أي وثيقة تثبت هويتهم وانتمائهم، وذلك إما أن تكون أوراقهم ووثاقهم قد ضاعت منهم أثناء الهجرة أو قد حرقت أو أصبحت تحت ركام منازلهم التي حولها طيران النظام إلى أكوام من الحجارة.
كما يقول السيد جميل الذي لجئ مع عائلته إلى تركيا: “لقد دمرت طائرات النظام منزلي الذي يقع في بلدة كفرنبودة بريف حماة الشمالي، دماراً شاملاً بحثنا عن أوراقنا الثبوتية التي تثبت شخصيتنا بين الركام، ولم نجدها ونعاني من مشكلة كبيرة بسبب عدم امتلاكنا لأوراق رسمية تثبت شخصيتنا في بلاد اللجوء”.
ويقول غوتيريس: “ان عدم حصول الاطفال على هوية يمكن ان يخلق لهم مشاكل كبيرة ستلاحقهم في طفولتهم وتحكم عليهم بالتفرقة والاحباط والياس طوال حياتهم”.
وجاء في التقرير ان “عدة ملايين من الاطفال يمرون عبر مراحل الطفولة دون احساس بالانتماء او الحماية التي يوفرها حصولهم على جنسية”.
واقترحت المفوضية اتخاذ العديد من الاجراءات للقضاء على مشكلة انعدام الجنسية، بما في ذلك اصلاح القوانين التمييزية التي تحظر على النساء اعطاء جنسياتهن لأطفالهن.
وقالت ان الاطفال يجب ان يصبحوا تلقائيا مواطنين في الدول التي يولدون فيها.
وحددت المفوضية سابقا هدف القضاء على الحرمان من الجنسية بحلول 2024.
لقد تجاوز عدد اللاجئين السوريين في الدول المجاورة 4.5 مليون لاجئ، بحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يتوزعون على دول الجوار لاسيما تركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر، وقسم كبير منهم توجه إلى دول أوربا، كما بلغ عدد النازحين داخل سوريا 7.8 مليون شخص.
“جيل ضائع”، هذا ما سيكون مصير ملايين من أطفال سوريا بسبب الحرب وتوابعها.