هل هناك إفراط في التفاؤل عندما يقول رئيس وزراء تركيا بن علي يلديريم بعد قمة سان بطرسبرج إن سوريا ودولاً أخرى في المنطقة ستشهد “تطورات جميلة”، لكأن الإتفاق على إعادة إحياء العلاقات الإقتصادية الضخمة بين روسيا وتركيا سيدفع بدول المنطقة المدمرة الى بوابات الحلول والإنفراج؟
قول يلديريم إن تركيا ستعمل الآن بشكل وثيق مع دول المنطقة لحل المشاكل وفي مقدمها الأزمة السورية، إعتراف ضمني بأن تركيا كانت تزيد هذه المشاكل تفاقماً. أما قوله “مثلما حللنا مشاكلنا مع اسرائيل وأعدنا الأمور الى مسارها مع روسيا سنشهد تطورات جميلة في سوريا”، فإنه ينطوي على فائض من التفاؤل، لأن المشكلة مع اسرائيل ثنائية وعابرة بين حليفين، أما مع روسيا فتقع في نطاق إشتباك إقليمي ليست سوريا ساحته الوحيدة، وليس مصير بشار الأسد عقدته الفريدة.
عشية قمة المصالحة بين فلاديمير بوتين ورجب طيب اردوغان، وتحديداً في ١٤ تموز الماضي، قال يلديريم، “من المؤكد ان هناك أموراً يجب ان تتغيّر في سوريا، الأسد يجب ان يتغيّر قبل كل شيء، فبدون رحيله لن يتغيّر أي شيء في موقف تركيا حيال سوريا لأنه السبب في ما آلت إليه الأمور في بلاده”. ولكن عشية وصول اردوغان الى روسيا، كان بوتين في قمته الثلاثية مع الرئيس الإيراني حسن روحاني والرئيس الاذري إلهام علييف يؤكّد موقفه من ان الشعب السوري هو الذي يقرر مصير الأسد.
لهذا يبرز السؤال: هل لحس أردوغان موقفه من ضرورة رحيل الأسد فوراً؟ وماذا يمكن ان تقرر “الآلية الثلاثية” الروسية التركية التي اتفقا عليها وبدأت إجتماعاتها الخميس في ما يتصل بموعد رحيل الأسد؟
إعادة العلاقات الإقتصادية الضخمة بين البلدين كانت ضرورية لأردوغان كما لبوتين الذي يزوّد تركيا 60 في المئة من حاجتها من الغاز، ويريدها مصباً على أوروبا لأنبوب الغاز الروسي العملاق، الذي من الواضح انه وضع في حساباته منذ زمن ما ينام عليه شاطئ طرطوس السوري من كميات هائلة من النفط والغاز ستتولى روسيا ادارتها، لهذا يمكن السياسة ان تنحني أمام مصالح اقتصادية كبيرة بهذا الجحم.
وهكذا يصبح مفهوماً تقريباً انه عندما يقول بوتين ” إتفقنا على مناقشة كل ما يتعلق بإيجاد حل للأزمة السورية وموقفنا يستند الى قاعدة ان التحولات الديموقراطية تتم بوسائل ديموقراطية” ان اردوغان إبتلع الموقف الروسي، على الأقل لجهة ان الأسد سيبقى حتى نهاية عهده، وان وظيفة “الآلية الثلاثية” تحديد ما اذا كان سيخوض الإنتخابات المقبلة!
إن الحديث عن حل سوري “يرضي الجميع” يفترض ألا يزعل الأسد وطهران مثلاً، ثم ان الحديث التركي عن “تطورات جميلة” في سوريا يعني ان أردوغان بات ينظر الى الأسد بعينين جديدتين!
راجح الخوري – النهار