كشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن أن أحد المشاركين في الانقلاب عرض على رئيس الأركان خلوصي أكار، أن يلتقي بفتح الله غولن رئيس منظمة الكيان الموازي.
وقال أردوغان في مقابلة أجرتها معه قناة “فرانس 24” الفرنسية، الجمعة: “عناصر المنظمة قاموا بمحاولة الانقلاب العسكرية الفاشلة في تركيا اعتمادا على أوامر زعميهم (فتح الله غولن) المقيم في ولاية بنسلفانيا الأمريكية”.
مضيفا: “العديد من المسجونين أقروا بذلك، حتى أن أحد الذين أسروا رئيس الأركان اقترح عليه اللقاء مع زعيمهم غولن، وهذه هي المرة الأولى التي أصرح فيها بهذه المعلومة”، داعيا الأطراف المنتقدة إلى تقييم الأحداث بالشكل السليم وتلقي المعلومات من الجهات الرسمية وليس من الجهات المعارضة لتركيا.
وشدّد الرئيس التركي على ضرورة تطهير جميع المؤسسات في البلاد من عناصر منظمة “فتح الله غولن (الكيان الموازي)”، للحيلولة دون دفع ثمن باهظ في المرحلة اللاحقة.
وقال أردوغان: “المنظمة الإرهابية تغلغت داخل المؤسسات العسكرية والأمنية والوزارات على مدى 40 عامًا، وباتت أشبه بورم خبيث كالسرطان حتى داخل القطاع الخاص”، مشيرا إلى أن الخطوات التي ستتخذ خلال فترة حالة الطوارئ ستكون كفيلة لحل هذه المشكلة.
أردوغان: لا أهتم بانتقادات أوروبا
ولدى سؤاله حول الانتقادات الأوروبية للسلطات التركية حيال عملياتها في مجالات الإعلام والتعليم والقضاء ضد أنصار المنظمة، أشار الرئيس التركي إلى عدم اهتمامه بتلك التصريحات والانتقادات وتركيزه على حالة الطوارئ التي أعلنتها كل من فرنسا وبلجيكا والولايات المتحدة وألمانيا على خلفية الهجمات الإرهابية.
وأضاف أردوغان: “ألمانيا أعلنت حالة الطوارئ في ميونخ بعد مقتل ستة أشخاص، وأنا تحدثت عن مقتل 246 شخصا وإصابة 2185 آخرين (ضحايا محاولة الانقلاب الفاشلة)”، مبينا أن الدول الأوروبية التي أعلنت حالة الطوارئ لم تشهد الوتيرة نفسها من الأحداث التي شهدتها تركيا، ولم تواجه محاولة انقلابية تستهدف الدولة بكاملها.
وأكّد أردوغان أن وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة ستُعاقب في حال ثبوت تورطها بمحاولة الانقلاب الفاشلة، وفقا للقوانين التي ينص عليها الدستور التركي، مشيرا إلى أن هذه الوسائل مضطرة للالتزام بما تنص عليه القوانين، حالها كحال المجالات الأخرى.
ضعف استخباراتي
وفي معرض ردّه على سؤال ما إذا كان رئيس جهاز الاستخبارات التركية “هاكان فيدان” قدّم استقالته خلال الاجتماع الذي جرى بينهما الجمعة، وهل ستتخذ إجراءات بحقه هو ورئيس الأركان العامة “خلوصي أكار”، أكّد أردوغان أنه ليس هناك شيء من هذا القبيل في الوقت الراهن، مبينا أنه “في حال استدعى الأمر اتخاذ قرار في هذا الشان، فإننا نجتمع برئيس الوزراء ونقيّم الأمر ثم نُصدر قرارنا النهائي”.
وتابع الرئيس التركي بالقول: “نحن نمرّ في الوقت الراهن بمرحلة انتقالية، ونواصل عملنا مع زملائنا، ولكن في الحقيقة هناك حالة ضعف استخباراتي، وهنا تذكّروا عندما وقع الهجوم على الأبراج (11 أيلول/ سبتمبر) في الولايات المتحدة الأمريكية، لم يطرح أحد وقتها سؤالا حول إقالة جهاز الاستخبارت هناك، كذلك الأمر بالنسبة لهجمات فرنسا، وبلجيكا وغيرها”.
وقال إن الانتقادات الموجهة لتركيا فيما يتعلق بتطبيق حالة الطوارئ، دون الرجوع إلى أدلة أو معلومات صحيحة، ستكون غير منصفة، مضيفا: “إذا كانت مصادر المعلومات التي يمتلكونها خاطئة، فإن الذين يشغلون مناصب مسؤولة داخل منظمة مثل الاتحاد الأوروبي سيقعون في الخطأ، تصرفاتكم تشير إلى أنكم إما تحكمون بشكل مسبق أو معدومون من القدرة على إدارة هذه الوظائف”.
أوروبا وراء الانقلاب؟
وفي معرض رده على سؤال حول مقارنة حالة الطوارئ المعلن في فرنسا وتركيا، لفت أردوغان إلى اختلاف أسباب حالة الطوارئ بين البلدين، مشيرا إلى أن ما حدث فرنسا يعد عملا إرهابيا عاديا، أما ما جرى في تركيا فهو محاولة انقلاب مسلح للسيطرة على الدولة.
وأكد الرئيس التركي ضرورة التفرقة بين حالة الطوارئ في البلدين، متسائلا: “أريد أن أسأل مسؤولي الاتحاد الأوروبي: هل أنتم وراء الانقلاب أم مع دولة يسودها قانون ديمقراطي؟”.
وفي معرض رده على سؤال: “هل إعادة حكم الإعدام الذي ألغي بموجب معايير الاتحاد الأوروبي تعني انتهاء مرحلة انضمام تركيا للاتحاد؟”، قال أردوغان: “إن كان شعبي يطالب بحكم الإعدام، ويوافق البرلمان على ذلك، لا ينبغي لأحد أن يؤاخذنا فإن الامتثال لذلك يعد من واجبات السياسيين”.
وتابع في السياق ذاته: “هل حكم الإعدام موجود في أمريكا وروسا والصين؟ نعم إنه موجود. كما أنه موجود حاليا في غالبية دول العالم”.
أمركيا تعلم أن غولن انقلابي
وفيما يتعلق بمطالبة الإدارة الأمريكية بتقديم أدلة دامغة حول تورط “فتح الله غولن” زعيم “الكيان الموازي” في محاولة الانقلاب مقابل تسليمه، لفت إلى أن”الفاعلين معروفون، والدعاوى المتعلقة حول كون ما حصل هو محاولة انقلاب، وأن غولن هو زعيم الإرهابيين، مستمرة أمام محاكم مختلفة”.
وتابع متسائلا: “هل قدمت لنا أمريكا أدلة حتى اليوم لدى مطالبتنا بتسليمها الإرهابيين؟”، مضيفا: “نحن سلمنا لهم الإرهابيين والجناة الذين طلبوا تسليمهم دون أن نطالبهم بأية أدلة، أما الآن نطالبهم بتسليم غولن الذي حاول قلب الحكم، وهم يطلبوا منا أدلة”.
وتطرق أردوغان، إلى التدابير المتخذة قائلا: “نحن نفعل ما تفعله كل الدول المتقدمة”. وتابع: “أصدقاؤنا الغربيون لا يرون كل هذه القنابل، ربما سيرونها بعد مقتل كبار المسؤولين في هذا البلد، نتخذ كل التدابير، وسنستمر في اتخاذها”.
وفيما يتعلق بلقائه نظيره الروسي فلاديمير بوتين، أضاف أردوغان: “أعتقد إن لم يحصل وضع استثنائي، من الممكن أن نعقد لقاء في حدود منتصف آب/ أغسطس المقبل”.
وشهدت العاصمة أنقرة ومدينة اسطنبول، في وقت متأخر، من مساء الجمعة (15 تموز/ يوليو)، محاولة انقلابية فاشلة، نفذتها عناصر محدودة من الجيش، تتبع لمنظمة “فتح الله غولن” (الكيان الموازي)، حاولوا خلالها إغلاق الجسرين اللذين يربطان الشطرين الأوروبي والآسيوي من مدينة اسطنبول (شمال غرب)، والسيطرة على مديرية الأمن فيها وبعض المؤسسات الإعلامية الرسمية والخاصة.
وقوبلت المحاولة الانقلابية، باحتجاجات شعبية عارمة في معظم المدن والولايات، إذ توجه المواطنون بحشود غفيرة نحو البرلمان ورئاسة الأركان بالعاصمة، والمطار الدولي بمدينة اسطنبول، ومديريات الأمن في عدد من المدن، ما أجبر آليات عسكرية كانت تنتشر حولها على الانسحاب مما ساهم بشكل كبير في إفشال المخطط الانقلابي.
جدير بالذكر أن عناصر منظمة “فتح الله غولن” – غولن يقيم في الولايات المتحدة الأميركية منذ عام 1998- قاموا منذ أعوام طويلة بالتغلغل في أجهزة الدولة، لا سيما في الشرطة والقضاء والجيش والمؤسسات التعليمية، بهدف السيطرة على مفاصل الدولة، الأمر الذي برز بشكل واضح من خلال المحاولة الانقلابية الفاشلة.
عربي 21