عكس عدول الرئيس الأميركي دونالد ترامب المُعلَن عن رأيه حيال سوريا، ورئيسها بشار الأسد، وتلميحاته بشأن إجراءاتٍ عقابية محتملة، رداً على الهجوم الكيماوي الذي وقع الثلاثاء، 4 أبريل/نيسان 2017، عكس تقلُّبات في إدارته على الساحة العالمية.
إذ سيكون التلميح بإمكانية تدخُّل الولايات المتحدة في الصراع خروجاً جذرياً عن نهج سياسة ترامب “أميركا أولاً”. وفي سوريا، يعني ذلك التركيز حصراً على “تنظيم الدولة”والمُتطرِّفين الآخرين، وإرجاء التعامل مع الانتقال السياسي في البلاد، وفقاً لما جاء في تقريرٍ منشور لصحيفة الغارديان البريطانية.
وأعلن ترامب خلال مناظرةٍ رئاسية، في أكتوبر/تشرين الأول 2016: “لا أحب الأسد إطلاقاً. غير أنَّ الأسد يقتل تنظيم الدولة، وروسيا تقتل التنظيم، وإيران تقتل التنظيم”.
وقبل أيام قليلة فقط، أعلنت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، نيكي هيلي: “لم تعد أولويتنا في سوريا هي الجلوس والتركيز على إزاحة الأسد”. وكان وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، قد أشار إلى أنَّ مستقبل الرئيس السوري “سيُقرِّره الشعب السوري”، متجاهلاً حقيقة أنَّ جزءاً كبيراً من هذا الشعب كان يتعرَّض للقصف الوحشي من الأسد وعاجزاً عن التعبير عن أي رأي.
الخطوط الحمر
وكان الأمر الأكثر إرباكاً هو إعلان ترامب أنَّ الهجوم الكيماوي في إدلب قد تجاوز “الكثير والكثير من الخطوط، وما وراء الخط الأحمر”.
وجاء هذا التعليق بعد ساعاتٍ فقط من انتقاد الرئيس لباراك أوباما، لوضعه الخط الأحمر الأساسي على استخدام الأسد للأسلحة الكيماوية في 2012، وعدم المهاجمة آنذاك حينما تجاوز ذلك الخط، في أغسطس/آب 2013.
ورأى ترامب باستمرار أنَّ الفشل في تنفيذ تهديد “الخط الأحمر” أظهر ضعف الولايات المتحدة. لكن لم يكن واضحاً، الأربعاء 5 أبريل/نيسان، ماهية الرد الذي ستتَّخذه إدارته الآن، بعدما تجاوز الأسد “الكثير والكثير من الخطوط”.
غير أنَّه كان هناك الكثير من التلميحات بأنَّ الإدارة كانت تدرس على أقل تقدير رداً مباشراً، ربما يكون عسكرياً.
وقالت هيلي إنَّه حينما تفشل الأمم المتحدة في القيام بواجبها، “تكون هناك أوقاتٌ في حياة الدول نضطر فيها إلى القيام بتحرُّكاتنا الخاصة”.
من جهته، قال المتحدِّث باسم البيت الأبيض، شون سبايسر، الثلاثاء 4 أبريل/نيسان 2017: “أؤكد أنَّ ترامب كان يتحدَّث مع فريقه للأمن القومي هذا الصباح، وسنواصل إجراء تلك المباحثات داخلياً مع فريقنا للأمن القومي، وكذلك مع حلفائنا في جميع أنحاء العالم”.
وقال وزير الدفاع الاميركي، جيمس ماتيس، إنَّ العمل الذي وقع في إدلب “عملٌ شائن، وسيجري التعامل معه على هذا النحو”.
وسيخلو الآن مجلس الأمن القومي، الذي يتشاور معه ترامب من كبير مُخطِّطيه الاستراتيجيين، ستيف بانون، القومي الأبيض الذي كان يُعَد المدافع الرئيسي عن وجهة النظر القائلة بأنَّ الكفاح من أجل تدمير “الإرهاب المُتطرِّف” يُبرِّر التحالف مع أمثال الأسد وفلاديمير بوتين.
ويُعَد رحيل بانون انتصاراً لمستشار الأمن القومي، هربرت ريموند ماكماستر، الذي عارض استخدام تعبير “الإرهاب المُتطرِّف” ومضامينه في التحليل والسياسة.
ومن المُرجَّح الآن أن يكون لماكماستر، حليف ماتيس، حرية أكبر في صياغة السياسة الأميركية تجاه سوريا.
المصدر: هافنيغتون بوست