يعيش الشمال السوري المحرر حالة من الخوف والترقّب لما يجري حوله من انتشار لوباء “كورونا” الذي اجتاح كافة بلدان العالم ومنها مناطق ميليشيا أسد، ومع انتشار هذا الوباء تأثرت عجلة الاقتصاد في كافة أصقاع العالم، وما الشمال السوري ببعيد عن تجاذبات هذا المرض والمآلات التي قد يُسببها اقتصادياً.
وشهد الشمال السوري عدة إجراءات احترازية لمنع دخول وباء “كورونا” إليه، أثّرت هذه الإجراءات على اقتصاد المنطقة عدا عن التأثير الذي نتج جراء إجراءات الدول المجاورة ومناطق السيطرة المختلفة المحيطة بالشمال السوري، وكل هذا انعكس سلباً على المواطن السوري الذي يعيش في الشمال المحرر، وتفاقم الأزمات عليه ابتداءً من الأزمات الانسانية والعسكرية وانتهاءً بالأزمات الاقتصادية.
إغلاق كافة المعابر التجارية
كانت الحكومة التركية أغلقت كافة المعابر التجارية على حدودها الجنوبية مع الشمال السوري بسبب تفشّي وباء “كورونا”، كمعبر باب الهوى، وباب السلامة وكذلك معبر الراعي، بالإضافة لإغلاق الحكومة المؤقتة لمعابرها مع ميليشيا أسد وميليشيات “قسد”، كما أغلقت حكومة الانقاذ في إدلب المعابر الواصلة بين منطقتيّ إدلب وعفرين.
وعن أسباب ونتائج اغلاق هذه المعابر بسبب انتشار وباء “كورونا”، يقول وزير الاقتصاد في الحكومة المؤقتة الدكتور عبد الحكيم المصري لأورينت نت، “من أهم إجراءات الحدّ من وباء “كورونا” هو إغلاق المعابر الحدودية والحجر الصحي، وهذا ما اتخذته الحكومة المؤقتة في الشمال السوري، إن كان بإغلاق المعابر التجارية مع ميليشيا أسد أو مع ميليشيا “قسد”، ولكن هذا الإغلاق أثر سلباً على الحركة الاقتصادية للمنطقة”.
وأوضح وزير الاقتصاد قائلاً: “بسبب إغلاق المعابر التجارية تراجعت الحركة التجارية بين مناطق سيطرة نظام أسد والمناطق المحررة في الشمال السوري، وكذلك الحركة التجارية بين شرق سوريا وشمالها، وكل ذلك أدى لارتفاع أغلب الأسعار بين 10 و 70%، ولكن حتى اللحظة ما زالت المواد متوفرة بالسوق دون انقطاعها وفقدانها نهائياً”.
وأشار المصري إلى أن القليل من الحركة التجارية ما زالت مستمرة مع الجانب التركي لتأمين بعض مستلزمات الشمال السوري، ولكن بشكل عام فإن الحركة الاقتصادية للشمال تراجعت بشكل ملحوظ بسبب إجراءات الحماية من انتشار وباء “كورونا”، ولكن الخسائر الاقتصادية لا تُقارن بالخسائر البشرية بحال انتشر هذا الوباء في الشمال، حسب كلام الوزير.
ارتفاع نسب البطالة
وبحسب تقارير فريق “منسقو استجابة سوريا” السابقة، كان ما يزيد عن 45% من ذكور الشمال السوري و 85% من إناثه يُعانون من البطالة, وذلك قبل الإجراءات الاحترازية للمنظمات والشركات والمؤسسات التي خفّضت من كوادرها بسبب وباء “كورونا”.
وبهذا الجانب, يُتابع وزير الاقتصاد في الحكومة المؤقتة قائلاً: “كان الشمال السوري يُعاني من ارتفاع نسب البطالة قبل جائحة كورونا, ومع توقف بعض الأنشطة الخاصة بالمؤسسات والمنظمات وتخفيض نسب موظفيها إلى النصف وما دون النصف, ستزداد نسب البطالة أكثر وهذا ينعكس سلباً على اقتصاد الشمال والحركة الشرائية والتجارية”.
وبنفس السياق، قال مدير مكتب العلاقات العامة بنقابة الاقتصاديين الحرّة حيان حبابة لأورينت نت: “سيّزيد وباء كورونا من ارتفاع نسب البطالة في الشمال السوري المحرر, وذلك لتوقف العديد من الأعمال اليومية عند بعض العمال أو المؤسسات العاملة في الشمال, وبالتالي قد ترتفع نسبة البطالة من 45 إلى أكثر من 75% بين الذكور خلال الشهرين القادمين”.
وتابع حبابة: “عدا عن ارتفاع نسب البطالة في الشمال, سيؤثر كورونا على اقتصاد المحرر عبر انخفاض دخل الفرد شهرياً إن كان موظفاً بسبب تخفيض الأجور أو كان عاملاً حراً بسبب تدنّي الحركة الشرائية والتجارية بالمحرر بشكل عام, وهذا ما سيؤثر سلباً على المواطن وكافة شرائح المجتمع خاصة مع قدوم شهر رمضان المبارك”.
الكل متضرر
من جانب آخر، أكمل حبابة قائلاً: “بسبب وباء كورونا الكل متضرر اقتصادياً وخاصة بعد الإجراءات المتخذة للحدّ منه في الشمال السوري, فالتاجر متضرر بسبب عدم تمكنه من التبادل التجاري مع المناطق المتاخمة للشمال, والمواطن متضرر من ارتفاع الأسعار بسبب قلة الحركة التجارية وتوفر السلع بكميات كبيرة، وكذلك المنتج السوري في الشمال متضرر من ندرة التصريف لمنتجاته”.
وهذا ما أكده تاجر المواد الغذائية “أحمد الشيخ” لأورينت نت بقوله: “أسعار المواد الغذائية ارتفعت بنسبة تتراوح بين 20 و 40% من سعرها الأساسي قبل وباء كورونا, وذلك لعدم قدرتنا على استيراد أغلب هذه المواد وخاصة التموينية كالسكر الذي ارتفع من 650 ليرة للكيلو الواحد إلى 800 ليرة سورية, وكيلو الشاي ارتفع من 5500 إلى 7000 ليرة, كما ارتفع سعر الرز من 500 إلى 650 ليرة سورية”.
وأضاف الشيخ موضحاً بعد تغيّر بعض الأسعار بقوله: “وأما أسعار الخضروات والفواكه المستوردة فقد ارتفعت بشكل جنوني وبعضها فُقد من السوق نهائياً, فسعر كيلو الموز ارتفع من 650 ليرة إلى 850 ليرة, والفريز من 1500 إلى 2300 ليرة, وأما الخضار فارتفع سعر كيلو البطاطا المستوردة من 300 إلى 500 ليرة, والليمون من 1000 إلى 1700 ليرة”.
وأما عن المواد المنتجة محلياً, أوضح الشيخ تأثّر هذه المواد بسبب وباء كورونا بقوله: “بينما المواد المنتجة محلياً في الشمال السوري, إن كانت زراعية أو صناعية فقد تأثر المُنتج كثيراً بسبب عدم توفر فرص التصدير والمنافسة, ولهذا وجدنا سعر بعض الخضار كالخيار والبندورة قد انخفض سعرها أكثر من 200 ليرة سورية خلال الأيام الأخيرة, ورغم فائدة ذلك على المواطن إلا أن المزارع سيخسر الكثير وربما لا تفي منتجاته ما أنفقه عليها”.
ووفق الشيخ فإن العديد من المنتجات المحلية أصابها الكساد لعدم توفر التبادل التجاري مع المناطق المجاورة، وهذا كان سبباً بتقليص اليد العاملة كذلك، وبالتالي فالكل خاسر اقتصادياً بسبب وباء كورونا، حسب تاجر المواد الغذائية الشيخ.
نقلا عن: تلفزيون أورينت