وأتوا إلى سوريا، عبر البحر، في قارب يقلهم، قاصدين بذلك، مراكب اللجوء التي تقل السوريين من سوريا إلى أي مكان آخر في العالم.
ولعل أقسى ما في هذا “التضامن المهين” كما علق ناشطون، هو فكرة القدوم إلى سوريا عبر مركب بحري، حيث أعلى أشكال الاستهانة “بموت السوريين في البحار” وأشهرهم الطفل السوري الغريق “آلان” الذي هزّت صورته الأرض، غريقاً على سواحل المتوسط التركية. مما دفع بالبعض للقول إنهم “يُغرِقون آلان مرة ثانية”.
ويظهر في الفيديو الذي نشرته وسائل إعلام الأسد، ورفعته إلى يوتيوب، مجموعة من الأشخاص بينهم على ما قال “لاجئ” يتحدث بالعربية، نائب بلجيكي اسمه لورو لوي.
وتابع المتحدث بالعربية كلامه بالقول: “الله وسوريا وبشار”، وأنهم جاؤوا إلى سوريا بصفتهم لاجئين أوروبيين قدموا إلى دمشق للجوء، تضامناً منهم مع النظام السوري. وأشار المتحدث بالعربية، أنهم تقصدوا أن تكون رحلة اللجوء معاكسة، أي من أوروبا إلى سوريا، وليس كما يحصل من سوريا إلى أوروبا.
الفيديو المرفوع على “يوتيوب” أثار استهجان اللاجئين السوريين في أوروبا، ليس لأنه وحسب، صوِّر ونشر لإعلان التضامن مع المتسبب بلجوء عشرات الآلاف من السوريين في أصقاع الأرض، الذي هو نظام الأسد، بل لأنه تعامل مع لجوئهم “باستخفاف وإهانة” متجاهلاً ما يتعرض له اللاجئ، عموماً من مشقات وصعوبات واحتياجات. على ما قال لاجئ سوري في تعليق فوري على “الاحتفال” بهروب السوريين “من وطنهم” ومجيء سواهم “للحلول مكانهم”.
وكانت الفضائيات التابعة لنظام الأسد قد احتفلت بـ “لجوء الأوروبيين” إلى سوريا، ونشرت وكالة الإعلام الرسمية التابعة للأسد “سانا” الفيديو موسوماً بـ “كتاب وإعلاميون يلجأون إلى سوريا في مبادرة رمزية لمتضامنين من 12 جنسية”.
يشار إلى أن أغلب التقارير التي تتحدث عن اللاجئين السوريين في أوروبا، تشير إلى أنهم على أعتاب شتاء قارس، في الأيام القادمة، خصوصاً أن لجوءهم في الأشهر الأخيرة، شمل جميع أفراد عائلاتهم من أطفال وكبار السن، ما يجعل الحاجة ملحة لتقديم مختلف أشكال العون لهم.
إلى ذلك، استغربت منظمات حقوقية كيف يتم إعلان التضامن مع رئيس النظام السوري، عبر قصة “اللجوء إلى سوريا” بكل ما يتضمنه الأمر من “سخرية من أوجاعهم وإهانة لكراماتهم ورقص على غربتهم”، خاصة أن من “زعموا تضامنهم مع الأسد عبر مهزلة اللجوء إلى سوريا” قد دخلوا دياراً “تركها أهلها هاربين من جحيم حرب النظام”، وأنهم لم يذهبوا “للاصطياف أو للاستجمام” بل للبحث عن “أبسط مقومات العيش بكرامة” والبحث عن “لقمة عيش”.
ويضيف المصدر الحقوقي، أنها المرة الأولى “ربما في تاريخ اللجوء في العالم” التي يتم فيها السخرية “من هاربين من الحرب”، عبر إعلان التضامن مع المتسبب بهذا اللجوء.
ويضيف المصدر: “لعلها سابقة في تاريخ اللجوء والهروب من الحروب، أن يأتي متضامنون مع القاتل، للإقامة في بيوت من هجّرهم وشرّدهم عن أوطانهم”.
العربية.نت