ذكرت صحيفة ديلي صباح أن هناك تقارير تشير إلى أن منظمة غولن الإرهابية، فتح الله غولن وأتباعُه يحصلون على الإلهام من الحشاشين. وفي حديث له في افتتاح الدورة الاستثنائية للمجلس الديني في أنقرة الأسبوع الماضي بعنوان “وحدة وتضامن ومنظور مستقبلي ضد محاولة انقلاب 15 تموز واستغلال الدين”، قال الرئيس رجب طيب أردوغان كذلك إن غالبية أعضاء منظمة غولن مُتعلّمون ومُنتمون بالكامل للمنظمة وناجحون في أعمالهم تحوّلوا إلى حشّاشين وقَتَلَةٍ ومُفجّرين انتحاريين.
قصّة القَتَلَةِ الحشّاشين
عندما تأسست الإمبراطورية السلجوقية في القرن الحادي عشر كانت الخلافة العباسية قد ضعُفت؛ وبدأت الخلافة الفاطمية الشيعية في مصر ببسط سيطرتها على المنطقة. وأصبح مؤسس الإمبراطورية السلجوقية طغرل بيك حامي الخلافة العباسية بعد إخضاعه بغداد عام 1055، ووضع حدًا لسلطة الفاطمية في المنطقة.
حاول الفاطميون جمع المزيد من المؤيدين لتعزيز قوتهم في الأراضي الخاضهة لحكم السلاجقة من خلال التأثير على الآخرين.
أسّس حسن الصبّاح ممثّل الخليفة الفاطمي الثامن المنتصر بالله، المنظمة الإرهابية الأكثر وحشية في التاريخ في خراسان. حيث جمع الصبّاح مجموعة كبيرة من الأتباع من خلال حملات مكثفة. ومع ذلك، ترك الصبّاح الفاطميين عندما لم يرث النزار – الذي أيده – العرش بعد وفاة المستنصر بالله.
تصوير لحسن الصبّاح وجنوده
تمكن الصبّاح من خلال سيطرته على قلعة الموت في عام 1090، من تأسيس جماعة الحشاشين (القَتَلَة). وحيث أدرك الصباح بأنه لا يملك فرصة لهزيمة السلاجقة العظماء في المعركة، فقد اختار حكم المنطقة من خلال خلق الفوضى عبر الإرهاب. وقد كتب في ذلك برنارد لويس، وعبد الكريم أوزايدن، وجنكيز تومار.
أنشأ قلعة الموت، المعروفة باللغة الديلمية باسم “ألوه أموت” وتعني تعليم النسر أو عش النسر، والتي كانت حصنًا بمساحة 1800 متر في قلب جبال البُرز. وقد استولى عليها أثناء هروبه من قوات السلاجقة. وعندما سيطر على القلعة، حرص على جعلها على أهبة الاستعداد لحصار طويل الأمد. كما حرص على خلق بيئة في القلعة يطيعه فيها رجاله طاعة عمياء. وقد أطاع رجاله الذين كان يعطيهم الحشيش أوامره من خلال المجازفة بحياتهم.
حاول القَتَلَة الحشاشون الاستيلاء على القلاع الأخرى في المنطقة. تفشّى العُنف حيثُ لم تنفع الكلمة، ومع العُنف الذي نشروه توسّعت سُلطة الحشاشين.
تصوير لأحد الحشاشين
أدرك الوزير السلجوقي نظام الملك الخطر في وقت مبكر. وعندما أُلقي القبض على الحشاشين، أمر بقتلهم وعرضهم في ساحة البلدة. ومع ذلك، لم يتراجع أولئك الذين يأملون في الوصول إلى قلعة الموت. وفي عام 1092، حاصر جيش سلجوقي قلعة الموت لكنه لم يتمكن من السيطرة عليها. وأرسل الصبّاح واحدًا من أتباعه يُدعى أبو طاهر لاغتيال نظام المُلك الذي كان يسعى لتدميره.
نشر القتلة الحشاشون خبر اغتيال نظام المُلك الذي كان بمثابة تدمير الرجل الثاني في الإمبراطورية السلجوقية. بدأ الصراع على العرش بين أبناء ملك شاه الأول بعد موته، مما زاد من قوة الحشاشين. عندما عين ابن ملك شاه الأول باركياروق شخصًا معاديًا للقتلة كوزير له، تعرّض للهجوم كاد يرديه قتيلا، ولمّا نجا ابتعد عن القتلة الحشاشين. زادت قوة الحشاشين وفعاليّتهم، حتى أن رجال الدولة لم يكونوا يقدرون على المشي دون أن يلبسوا درعًا، ولم يكن يقدر الناس على مغادرة بيوتهم من الخوف. وعند ذلك، بدأ السلطان باركياروق بمحاربة القتلة مرة أخرى، وقتل الكثير منهم.
استمر السلاجقة بقتال الصباح بعد حكم باركياروق لكنهم من يحققوا نتائج جيدة، حتى تخلى أخ باركياروق وآخر حُكّام السلاجقة سانجار عن قتال الحشاشين بعد أن غرز أحد أتباعهم خنجرًا في وسادته.
ومع أن أتباع الصبّاح كانوا يقتلون من يُعاديهم من رجال الدولة، إلا أنّ هناك أسطورة تقول إنه لم يُغادر القلعة لـ35 سنة لضمان سلامته.
وبعد وفاة الصبّاح في عام 1124، استمر وجود القَتَلَة الحشاشين. وعندما حاول كُبراء القبائل والدول في مصر وسوريا الوقوف في وجههم، فإنهم تعرضوا كذلك للقتل.
ارتدى القتلة أقنعة، وانتظروا بصبر لسنوات للوصول إلى أهدافهم. وتعلموا اللهجات المحلية، وحاولوا البقاء على مقربة من رجال الدولة الذين كانوا يريدون قتلهم. كانوا يكسبون ترقيات من خلال تضحياتهم وكسبهم ثقة المسؤولين، فتمت ترقيتهم في كثير من الأحيان إلى حراس شخصيين لرجال الدولة أو خدم في القصر. انتظروا لسنوات حتى جاء النظام. ولم يتمكّن حتى رجال الدولة الذين اتخذوا إجراءات أمنية شديدة جدًا وأغلقوا أبواب قلاعهم من الهروب من خناجر الحشاشين. كان يبدو من المستحيل الهروب من أتباع الصبّاح.
جاءت نهاية القتلة عام 1256؛ عندما استولى الحاكم المغولي هولاكو خان على قلعة الموت، ودمّر كل شيء. قتل هولاكو كل من في القلعة. وعلى الرغم من أن القتلة حافظوا بعد ذلك على وجودهم في مختلف المناطق، لكنهم لم يتمكنوا من أن يكونوا فعالين كما في السابق.
ترك برس