عرفت سورية على مر العصور بحضارتها العريقة وآثارها الخالدة والتي تروي بحجارتها المعتقة وقلاعها الصامدة أمجاد أجدادها وتاريخهم الحافل بالانتصارات، إلا أن قيمتها النفيسة التي لاتقدر بثمن وماتعنيه للسوريين من هوية وتراث تغنوا به دائما، لم تكن رادعا أن تكون عرضة للقصف والنهب والدمار على أيدي مجرمي الحرب.
ووثقت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم اليونسكو في تقرير أصدرته نهاية عام 2015، أن 300 موقع أثري سوري ومنها آثار إسلامية تعرضت لعمليات نهب وتدمير واسعة النطاق، ومع تفاقم الأزمة في سوريا وارتفاع وتيرة المعارك الدائرة في معظم جبهات المدن السورية لازال عدد الآثار المدمرة مرشحا بالزيادة.
ومن أهم الآثار التي تم توثيقها سرقة آثار من متحف حماه، وتعرض قلعة شيزر لأضرار كبيرة نتيجة استهدافها، وتدمير معبد آشوري في الشيخ حمد بدير الزور، وهدم أبراج وجدار في قلعة المضيق إحدى أهم قلاع الصليبيين، ونهب الفسيفساء الرومانية من مدينة أفاميا الأثرية فضلا عن تدمير معظم آثارها، ولاننسى آثار تدمر التي تم تدمير أهم معابدها وآثارها على يد تنظيم الدولة بعد تمكنه من السيطرة عليها، بالإضافة لىثار بصرى الشام التي تعتبر من أغنى وأقدم مدن المنطقة الجنوبية حيث تحوي المدرج الروماني والكاتدرائية البيزنطية التي تقع قرب الجامع الفاطمي الإسلامي وسط المدينة.
ولم يكتف النظام السوري بقصفه وتدميره لأهم المواقع الأثرية، بل كان له دور كبير في عمليات السرقة والنهب التي حصلت مؤخرا، حيث ذكرت تقارير إعلامية سورية أن جهات في النظام السوري ومسلحين إيرانيين قاموا مؤخرا بسرقة آثار سورية عمرها آلاف السنين لبيعها إلى خبراء روس ليقوموا بدورهم لنقلها إلى متاحف المدن الروسية وعرضها هناك.
ولعل الجرائم المتكررة بحق التراث السوري باتت لاتعد ولاتحصى لتضاف إلى القصف والدمار والنهب جريمة جديدة من ابتكار النظام السوري ألا وهي التنقيب عن الآثار، حيث شهدت مدينة يبرود التي تقع في منطقة القلمون بريف دمشق حملات تنقيب ونهب عبر عملاء روس لدى النظام السوري.
ونقل موقع “السورية نت” عن المتحدث الرسمي باسم الهيئة العامة لمدينة يبرود، .”
أبو الجود القلموني:” إن عددا من الخبراء الروس يقومون منذ قرابة الثلاثة أشهر بعمليات تنقيب عن الآثار وسرقتها، بالتعاون مع شخصيات مقربة من روسيا أهمهم جورج الحسواني، وأبو سليم دعبول المشرف العام عن عمليات التنقيب التي تجري، لما له من نفوذ واسع في المنطقة”.
وأضاف المصدر أن الكشف عن المعبد تم تحت إشراف خبراء روس وبوسائل تنقيب روسية، ليكون النظام السوري بذلك وسيلة للوصول لتلك المعالم الأثرية وليؤمن لتلك البعثات الحماية من المساءلة لا أكثر، أو ربما لرد الجميل الذي قامت به روسيا من خلال تدخلها العسكري منذ نهاية شهر أيلول الماضي ومساندتها للنظام إذ كان يوشك على الانهيار لولا تدخلها ووقوفها لجانبه.
ونقل مراسل “السورية نت” في القلمون نبوخذ نصر عن ناشطين محليين قولهم: “إن معبداً ضخماً يعود لما قبل الميلاد، هو عبارة عن كنيس يهودي (معبد مارمارون الأثري) في جبل مار مارون تم اكتشافه قبل أيام في منطقة يبرود المحاذية للشريط الحدودي السوري اللبناني والخاضعة لسيطرة قوات الأسد وميليشيا حزب الله”.
لم يسلم البشر أو الحجر وحتى الشجر من وحشية النظام، حيث طالب بعض السوريين الغيورين على آثارهم وتراثهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، المنظمات الدولية التي تعنى بالتراث بالتدخل وإيقاف الأعمال الإجرامية التي يمارسها عديمو الوطنية والضمير ضد هوية السوريين وإرثهم الحضاري الذي ورثوه عن أجدادهم علهم يستطيعون إنقاذ ماتبقى منها.
المركز الصحفي السوري ـ سماح خالد