مؤتمرات ومؤامرات ضد الشعب السوري كلها تعمل على تأخر إيجاد حل للنزاع في سوريا، وهذا التأخر يدفع ثمنه الشعب السوري وخاصة الأطفال الذين أصبحوا في زمن الحرب التي تبدو لانهاية لها آباء وأمهات صغار.
قلبت الأدوار من الآباء إلى الأبناء في زمن الحرب، فمعظم الأبناء فقدوا معيلهم بسبب القتل أو الإعاقة أو الاعتقال، ليقع العبء على الأبناء الصغار في إيجاد مصدر للعيش بدلا من تضور عوائلهم جوعا.
ويعدّ الفقر، الذي طال نسبة كبيرة من العائلات السورية، السبب الأساسي لاضطرار الأطفال إلى العمل.
وبحسب الأمم المتحدة، يعاني 4 من كل 5 أطفال من الفقر.
حسام طفل من ريف حلب يبلغ من العمر 13 عاما يعمل في بيع المحروقات بعد أن فقد والده في قصف للطيران الروسي على منزله يقول: ” أجد صعوبة في نقل عبوات المازوت والبنزين إلا أنني مسؤول عن إعالة أمي وإخوتي، وكل ما فعله النظام بعائلتي أنوي أن أفعله بكل من يحاول إيذاء أسرتي مجددا”.
“أياد صغيرة وعبء ثقيل” تقرير أصدرته الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” ومنظمة ” سيف ذا تشيلدرن” في الثاني من تموز الماضي أظهر أن النزاع والأزمة الإنسانية في سورية يدفعان أعدادا كبيرة من الأطفال السوريين للوقوع فريسة الاستغلال في سوق العمل محذرين من تفاقم ظاهرة عمالة الأطفال وتعرض الأطفال لكثير من الصعوبات والمخاطر خاصة الذين ينخرطون في النزاع المسلح والاستغلال الجنسي والأعمال غير المشروعة كالتسول .
خسرت سوريا جيلا كاملا من الأطفال معظمهم فقدوا البراءة فهم لا يتصرفون كباقي أطفال العالم الذين في أعمارهم حتى الفتيات أصبحن أمهات ومعيلات لإخوتهم الصغار أو تقوم عائلاتهم بتزويجهن رغم صغر سنهن للتخفيف من أعبائهن بسبب الفقر.
نهى طفلة في العاشرة من عمرها من ريف ادلب ترعى أمها وأخوتها بعد أن أصيبت والدتها بشظية في عمودها الفقري أدت لشللها تقول أمها ” تقوم نهى بأعمال البيت من تنظيف وطبخ بالإضافة لرعاية إخوتها الصغار ونقل المياه من المنهل، كما تقوم بشراء الحاجيات من السوق، أشعر بالحزن لأجلها”.
هؤلاء الأطفال سرقت الحرب براءتهم، فأصبحوا أمهات وآباء وهم في سن صغير.
يزن البالغ من العمر 11 عاما ينتظره أخوته الصغار وكأنه والدهم يحمل لهم ما يتثنى له من طعام بعد أن يحصل على أجرته من رئيسه في العمل في إحدى ورشات الخياطة في تركيا.
تعتمدُ كثير من العائلات النازحة التي نتعامل معها على أطفالها في أداء مهمات صعبة، كنقل المياه والإصلاحات وشراء الحاجيات والمساعدة، ويؤدي معظم الأطفال خدمات تفوق قدراتهم الجسدية والعقلية.
ويؤكد زاهد طبيب الأطفال في ريف دمشق: ” آثار سلبية خطيرة ستنعكس على الأطفال الذين يعملون في سن مبكر سواء على الصحة الجسدية أو النفسية وأبرزها تأخر النمو الذهني والجسدي، بالإضافة إلى الخلل في عمل بعض أعضاء الجسم ،بالإضافة للكثير من التداعيات النفسية أبرزها الاكتئاب المبكر وضعف الثقة بالنفس والعدوانية”.
في زمن الحرب تنقلب كل معايير الحياة، ففي أيام السلم كان الأبناء يدفنون آباءهم واليوم يدفن الآباء أبناءهم، وكان الأب يعيل الأبناء أما اليوم فالأبناء يعيلون الآباء.
سلوى عبد الرحمن
المركز الصحفي السوري