تضج وسائل الإعلام العالمية والعربية بأخبار التغريبة السورية و محاولات السوريين الهرب من الموت إلى دول اللجوء الأوربية في رحلة محفوفة بالمخاطر ومشيا على الأقدام لفترة طويلة بعد قطع البحر من تركيا إلى اليونان دفعوا خلالها أموالا طائلة، في حركة نزوح لم يشهد لها العالم مثيلا من قبل، أملا في الوصول لبر الأمان والحصول على حياة أفضل تاركا وراءه ذكريات وآلام لا يمكن أن ينساها في وطنه.
يعيش اللاجئون بعد وصولهم لأوربا بمراكز الإيواء “الكامبات” بشكل جماعي ريثما يحصلوا على الإقامة المؤقتة ثم يتم نقلهم إلى بيوت مستقلة، يفرض عليهم خلالها قواعد وقوانين تقيد حرياتهم، فاللاجئ مضطر أن يتعايش مع الناس داخل “الكامب” مهما كان انتماؤه السياسي، بل من الممكن أن يسكن مع الشبيحة ممن تورطوا في قتل الكثير من السوريين أو مع أشخاص من جنسيات أخرى.
تقول نغم محامية ولاجئة سورية في السويد: ” كدسونا هنا كالمواشي لسنا من الثروة الحيوانية نبحث عن المأوى والغذاء جئنا إلى هنا بحثا عن الأمان والحرية”.
وتضيف نغم بوصفها صعوبة العيش في الكامب: “علي تحمل أصوات العائلات المجاورة وأطفالهم وأحيانا مشاجرات الأزواج الذين يحتجزهم الملل والضجر في هذا السجن الكبير”.
بعد حصول اللاجئ على الإقامة المؤقتة يوضع ينقل مع بعض الأصدقاء إلى قرى بعيدة عن المدن الكبرى، حيث يعيش القليل من الناس فيها لتبدو وكأنها مدن أشباح خاصة في المساء، و لا يمكن للاجئ مغادرتها لأنه ببساطة لا يملك المال الكافي لدفع آجار المواصلات فالراتب الذي يحصل عليه لا يكفيه سوى لمتطلباته الأساسية، هذا عدا عن سوء المعالجة الطبية إذ ينبغي على المريض أن يظهر عليه معاناته مع الألم لينقل إلى المركز الصحي لعلاجه.
يقول عبد العزيز في السويد أيضا:” لا توجد أي نشاطات في “الكامب” اجتماعية ورياضية وتعليمية سوى المناهج المفروضة، ولا حتى قنوات تلفزيونية عربية، أما الإنترنت الذي يصلنا بأهالنا في سوريا فعليك تقاسمه مع من تسكن، إنها بلاد متجمدة الحرارة والعواطف الإنسانية”.
يتدهور الوضع النفسي للاجئين السوريين بشكل كبير بين سوء الأوضاع في بلادهم وسوء معاملتهم في أوربا وكذلك التغير الجذري الكبير في أسلوب حياتهم، و كثير من حرية الغرب لا يراها السوريون مناسبة لهم وقليل من الكرامة والإنسانية في أوربا مع من ترك بلده، فأغلب الآباء يعانون من صعوبة السيطرة على تصرفات وتمرد أولادهم في محاولة منهم الاندماج بعادات وتقاليد المجتمع الأوربي.
يقول معن خريج اقتصاد لاجئ في ألمانيا: ” لا أعلم لماذا يعاني بلد غني كألمانيا من أزمة سكن وقلة فرص العمل، في حين تركت بيتي وعملي في حلب وأعلم أن مدينتي غير صالحة للسكن، وتنعدم فيها أدنى مقومات الحياة، فهي لم تعد تشم سوى رائحة البارود والموت”.
صرخات لإنقاذ اللاجئين السوريين في منافيهم بعد أن أصبحت المسألة السورية مستحيلة الحل في مجلس الأمن، فالسوري لم يعد يحتاج إلى تحسين ظروف تشرده في أصقاع الأرض، ولم يخاطر بحياته بحثا عن الغذاء والمأوى أو إلى زيادة تسليط الضوء على معاناته في الداخل تحت سماء تعج بالطائرات والقذائف، بل السوري يستحق أن يعيش بأمان واستقرار في وطنه الأم يلم شمل جميع السوريين.
المركز الصحفي السوري ـ سلوى عبد الرحمن