شهادة جامعية، أصدقاء، عريس، زواج، أطفال، استقرار، أسرة….، وغيرها من الأحلام التي كانت تراود الفتيات في مقتبل العمر، لكن الحرب السورية بددت معظمها وحولتها لمعاناة ومآسي في ظل الظروف المعيشية الصعبة والأوضاع الأمنية السيئة، فباتت أحلامهن لا تتجاوز ضمان بقائهن وعائلاتهن على قيد الحياة، بالإضافة لغياب فئة الشباب من المجتمع السوري بعد أن كان الموت مصير بعضهم والهجرة وحياة التشرد مصير البعض الآخر.
ونظرا لارتفاع نسبة “العنوسة” بين الفتيات في سوريا، كانت فكرة التعارف والزواج عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي حلا للعديد منهن، إذ يقوم الشاب من بلاد اللجوء بطلب يد الفتاة ويوكل أحدا من أقاربه لعقد القران ليتم بعدها إرسالها إليه إما عن طريق التهريب أو تنتظر كغيرها إتمام إجراءات “لم الشمل”.
رغم أنها الطريقة الوحيدة أمام الشباب والفتيات للزواج إلا أنها أثبتت فشلها وبالأخص في دول اللجوء الأوروبية، حيث رصدت منظمات اجتماعية ازدياد حالات الطلاق بين السوريين، ولعل اختلاف البيئة ونمط الحياة والحرية المطلقة التي تمنح للمرأة والضغط النفسي الذي يتعرض له الزوجان، وغيرها من الأسباب ساهمت في ازدياد تلك الحالات.
لينا من مدينة حلب تروي قصتها:” لم أعد أستطيع تحمل العيش في حلب وتملكتني رغبة قوية بالسفر لتجربة حياة جديدة بعيدا عن القصف ومشاهد الموت، ولأنني أعيش بمجتمع شرقي رفض والداي المسنان فكرة السفر بمفردي، فكان الزواج من ابن عمي في السويد حلا وحيدا يحقق لي رغبتي بالسفر، رغم أنني غير مقتنعة ولم يكن الفتى الذي أحلم به”.
وتضيف لينا:” بعد وصولي للسويد لم يدم زواجنا لأكثر من ثلاثة أشهر، كانت حياتي خلالها أشبه بكابوس فقد تسرعت في اتخاذ القرار و كان هدفي السفر وليس الزواج”.
حالة لينا ليست الوحيدة فكثير من الفتيات كان الطلاق مصيرا لزواجهن بسبب اختلاف البيئة الاجتماعية بين الحياة في سوريا وأوروبا واختيار الشريك غير المناسب ثقافيا واجتماعيا، فقد انحرفت فكرة الزواج لدى بعض الشبان والفتيات عن هدفها الأساسي في تكوين عائلة والبحث عن الاستقرار، فضلا عن العنف والضرب الذي تتعرض له بعض السيدات والذي يودي بهم في نهاية المطاف للطلاق .
في جميع دول العالم يعتبر الطلاق حالة سلبية كونه يؤدي لانهيار العائلة بعد انفصال الزوجين وبالأخص عندما يكون الضحايا هم الأطفال، إلا أن بعض اللاجئين حاولوا استغلاله لتحقيق مكاسب تحت مسمى”الطلاق الوهمي”، لأن الحكومات الأوروبية تهتم بحقوق المرأة وتمنحها الاستقلالية بعد الطلاق بالإضافة لراتب شهري يضمن لها متابعة حياتها بعد الانفصال، وتعتبر هذه العملية حيلة للحصول على راتب إضافي، ولعل ذلك يبرر ما نشرته صحيفة “ألمانيا اليوم ” أن عدد حالات الطلاق بين اللاجئين السوريين وصل ل7 آلاف حالة خلال العام الماضي، حيث لاقى هذا الخبر امتعاض البعض كون العدد المذكور غير منطقي ويهدف لتشويه صورة اللاجئين في المجتمعات الأوروبية.
لم يعد الزواج رابطا مقدسا يجمع بين الشريكين، بل بات حلما للبعض ووسيلة للبعض الآخر للهرب من حياة تفتقر للحياة، لتزداد حالات الطلاق وتضاف لقائمة الظواهر السلبية التي ساهمت الحرب وبشكل كبير بتفشيها.
المركز الصحفي السوري ـ سماح خالد