تمسّك المبعوث الدولي الى سورية ستيفان دي ميستورا، بالتفاؤل حيال التمكّن من عقد جولة المفاوضات المقررة بين الحكومة السورية والمعارضة في ٢٥ الشهر الجاري، بعدما شكّكت مصادر ديبلوماسية عدة في نيويورك في تمكّنه من إقناع الأطراف بالجلوس الى طاولة المفاوضات لأسباب عدة، بينها «محاولة روسيا فرض تشكيل الوفد السوري المعارض الى المفاوضات»، في وقت اعتُبر تبنّي روسيا رسالة للمعارض هيثم مناع في مجلس الأمن، أنه يرمي الى «تشتيت» تمثيل الهيئة التفاوضية العليا في الرياض.
ويجري دي ميستورا محادثات في دمشق اليوم، قبل توجّهه الى طهران ومن ثم تقديمه إحاطة الى مجلس الأمن في ٢١ الشهر الجاري في نيويورك.
وأكد دي ميستورا لـ «الحياة»، أنه «حتى الآن» لم يتلقَّ أي «إشارات من أي كان بالرغبة في إرجاء المفاوضات الى موعد آخر بعد ٢٥ الشهر الجاري، بسبب التوتر الإقليمي بين المملكة العربية السعودية وإيران»، مضيفاً أن جولته الإقليمية الحالية «ستوضح أكثر مستوى التحضيرات لهذه الاجتماعات المهمة في جنيف، بناء على ما طلبه قرار مجلس الأمن ٢٢٥٤».
وقال ديبلوماسي عربي، إن «مشكلة دي ميستورا هي مع المعارضة لأنه يحاول إضافة أسماء الى الوفد المعارض الى المفاوضات، لكن هذه الأسماء ترفضها المعارضة». وأضاف أن «ما تطالب به المعارضة السورية معقول جداً، ولا يشكّل طلبات تعجيزية أبداً، إذ إنها تريد وضع أجندة محدّدة للمفاوضات المقررة في ٢٥ الشهر الجاري، لتحديد المواضيع التي ستناقش، كما أنها تريد الحصول على دعوة رسمية من دي ميستورا الى الاجتماع، وهو ما لم يحصل بعد».
وأثار تبنّي روسيا رسالة وزّعتها في مجلس الأمن من رئيس «مجلس سورية الديموقراطية» هيثم مناع، تطعن في شرعية تمثيل الهيئة العليا للمفاوضات المنثبقة من المؤتمر الموسع في الرياض الشهر الماضي، ارتياباً في نيويورك من أن «مسألة تمثيل المعارضة في المفاوضات ستكون مشكلة قد تؤخر عقد المفاوضات عن موعدها المقرر في ٢٥ الشهر الجاري».
وفي شأن توزيع روسيا رسالة المناع في المجلس، قال الديبلوماسي العربي نفسه إنها «محاولة لإضعاف قيمة مؤتمر الرياض، وروسيا، نيابة عن النظام السوري، ليست سعيدة بأن المعارضة تمكنت من جمع أطرافها والخروج بقائمة وقيادة موحّدة» في مؤتمر الرياض. وأضاف أن «روسيا تحاول خلخلة وفد المعارضة من خلال إضافة أسماء» الى وفدها المفاوض.
وأكد الديبلوماسي العربي أن عقد جولة المفاوضات في موعدها المقرر في ٢٥ الشهر الجاري، «سيكون ممكناً إن عولجت هذه الأمور، والأمر عائد الى دي ميستورا»، مشيراً الى أن «موقف المملكة العربية السعودية هو أنها مستعدة للعودة الى طاولة فيينا».
وجاءت رسالة «مجلس سورية الديموقراطية» لتؤكد هذه «الهواجس من أن روسيا تحاول فرط عقد المعارضة وتشتيت تمثيلها في المفاوضات، من خلال الدفع نحو جعل المفاوضات متعدّدة الطرف، بأكثر من وفد معارض»، وفق المصادر نفسها.
ووزّعت روسيا رسالة مناع في مجلس الأمن في ٤ الشهر الجاري، وطلب فيها المشاركة بوفد منفصل في جولة المفاوضات في جنيف، التي وصفها بأنها «مفاوضات متعدّدة الأطراف». وقال إن «في سورية أكثر من جبهة واحدة، والتدخل الإقليمي في صراعنا الداخلي يمنح بعض الجماعات الصغيرة مكانة بارزة ويقصي البعض الآخر»، معتبراً أن قواته العسكرية «تسيطر على ١٦ في المئة من الأراضي السورية، فيما لا تسيطر كل الجماعات العسكرية المشاركة في مؤتمر الرياض على أكثر من ٥ في المئة». وأضاف أنه «على استعداد للمشاركة في مفاوضات متعدّدة الطرف».
وفي الجانب المتعلّق بالتحضيرات لوقف إطلاق النار، شكّك ديبلوماسيون في إمكان «تحقيق أي تقدم الآن، في ضوء ما يجري على الأرض وفي السياسة»، خصوصاً أن دي ميستورا «لم يطرح بعد أي تصوّر لوقف إطلاق النار على الأطراف».
وأفادت وكالة «رويترز» بأن جماعات معارضة بارزة في سورية قالت أن «معارضي الرئيس بشار الأسد يواجهون ضغوطاً دولية لتقديم تنازلات من شأنها أن تطيل أمد الصراع في البلاد الأمر الذي يسلط الضوء على شكوكها حيال جولة جديدة من محادثات للسلام ترعاها الأمم المتحدة».
وقال بيان لجماعات المعارضة التي شكلت هيئة عليا للتفاوض مع النظام السوري ومن بينها «جيش الإسلام»: «نشهد ضغطاً دولياً وأممياً على الهيئة العليا للتفاوض لتقديم تنازلات من شأنها إطالة أمد معاناة أهلنا وسفك دمائهم».
واجتمعت الهيئة العليا مع دي ميستورا هذا الأسبوع وأبلغته بأنه يجب على الحكومة السورية أن تتخذ خطوات لتأكيد حسن النيات قبل أن تذهب إلى المفاوضات التي تعتزم المنظمة الدولية عقدها في جنيف، ويشمل ذلك الإفراج عن سجناء.
الحياة