تسببت أعمال العنف في سوريا منذ منتصف مارس/آذار 2011 بمقتل أكثر من 225 ألف شخص، بحسب إحصائيات الأمم المتحدة، وتسببت بدمار البنية التحتية للبلاد، وبلغت خسائر قطاع الكهرباء منذ بداية الثورة حتى نهاية عام 2014 أكثر من 313 مليار ليرة سورية، وأظهرت صور التقطت بالأقمار الصناعية لسوريا، تزايد انقطاع الكهرباء عن معظم أرجاء البلد.
لقد تعمد نظام الأسد على معاقبة المناطق الثائرة عليه أو الخارجة على نظامه، من خلال قطع التيار الكهربائي عنها منذ بداية الثورة قبل أكثر من أربع سنوات، ناهيك عن الدمار الذي لحق بمحطات التوليد، والشبكة الكهربائية وأبراج التوتر العالي، فالبراميل المتفجرة التي تلقيها طائرات النظام المروحية، جعلت من أعمدة الكهرباء حطاماً لا يصلح إلا للتدفئة.
“أبو يامن” من سكان ريف إدلب الجنوبي (الذي يقع تحت سيطرة المعارضة السوري)، يقول: “منذ انطلاق شرارة الثورة الأولى في درعا بربيع 2011، تعمد نظام الأسد قطع الكهرباء على المناطق الثائرة عليه، كنوع من الضغط والعقاب لسكان هذه المناطق، في بداية الأمر كان انقطاع الكهرباء جزئي، فبدأنا باستخدام البطاريات القابلة للشحن، ومن ثم انتقلنا إلى المولّدات الصغيرة، وانتهى بنا المطاف إلى المولّدات الكبيرة بعد أن تمَّ حرماننا من الكهرباء بشكل نهائي”.
أجبر الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي في مناطق سيطرة المعارضة السورية، السكان فيها على البحث عن وسائل بديلة لتأمين الكهرباء، فلجأ السكان إلى الاستعاضة عنها، باستخدام بطاريات السيارات، ومولدات تعمل بالبنزين ومحركات الديزل والأمبيرات (الأمبير واحدة قياس شدة التيار الكهربائي)، التي تمتاز بتكلفتها الكبيرة بسبب غلاء الوقود اللازم لعملها، ولا تتوفر الكهرباء إلا لساعات قليلة في اليوم، وبالكاد تكفي لقضاء حاجات الأسر الضرورية والأساسية، من الغسيل وتعبئة خزانات الماء وشحن البطاريات، ولقد انتشر استخدامها بشكل كبير في الآونة الأخيرة، حتى لا يكاد يوجد تجمع سكني إلا وفيه مولّد، يقوم بتأمين الحد الأدنى من الكهرباء للمقيمين فيه.
يضيف “أبو يامن” بقوله: “لقد أصبحت المولدات الكبيرة هي البديل عن الكهرباء، لكن تكلفتها باهظة حيث بلغ سعر الأمبير الواحد 1250 ليرة سورية شهرياً، ولكي تستطيع تأمين حاجات المنزل من غسيل وتعبئة خزان الماء، تحتاج إلى ثلاثة أمبيرات أي 3750 ليرة شهرياً، ولا تنسى البرادات التي أصبحت ضرورية جداً في فصل الصيف، سابقاً كانت فاتورة الكهرباء لا تتجاوز 400 ليرة كل شهرين، أما اليوم فوصل بنا الحال إلى ما هو عليه بفعل نظام الأسد الذي دمر البلاد والعباد”.
أما مبدأ عمل (الآمبيرات) فيقوم على وضع لوحات توزيع في رأس كل شارع، هذه اللوحة تحوي على قواطع تفاضلية، كل قاطع خاص بمنزل معين، ويمتد خط تغذية يعرف بالخط الساخن إلى اللوحة من المولدات، فيما يتم الحصول على الخط البارد من أعمدة الكهرباء، ويفصل القاطع عند أي زيادة تحميل عن الحد المسموح به للقاطع.
لقد أصبح توفر التيار الكهربائي حلماً بعيد المنال في ظل انقطاعه الكلي وبشكل دائم عن بعض المناطق، حيث تغرق المدن والبلدات السورية في الظلام لليال طويلة، وهناك إقبال كبير على شراء الشواحن والمولدات، ما أدى إلى رفع أسعارها بطريقة غريبة وصلت إلى أضعاف أسعارها الحقيقية، مع استغلال البعض للطلب الكبير، وأصبحت تجارتها وصيانتها مربحة جداً في زمن الحرب.
لكن التحدي الأكبر يكمن أمام المعارضة السورية التي باتت تسيطر على مناطق شاسعة من شمال سوريا، في مقدرتها على إدارة تلك المناطق وتوفير احتياجات السكان من ماء وكهرباء وغيرها، من الاحتياجات التي باتت تشكل عصب الحياة.
المصدر: اتحاد الديمقراطيين السوريين