المركز الصحفي السوري – زهرة محمد
في ظل التشريد وأزمة اللجوء التي عصفت بالسوريين في كل بلاد العالم ووسط هذه الموجة الجارفة في رحيل مئات الآلاف من العائلات إلى بلدان عربية واوربية وافريقية، وبالغض عن كل العثرات والمعادلات الصعبة في التأقلم في البداية مع هذه المجتمعات المختلفة والمتنوعة.
يختبئ بين حنايا اللجوء شبح يقترب من حياة كل سوري لاجئ وطبعا نقصد أي لاجئ بغض النظر عن انتمائه وطائفته وتبعيته السياسية وسواء كان مثقفا ام لا، شبح يترصد بكل من خرج من سورية باحثا عن الامان الموعود.
يظهر وينمو ويكبر في كل يوم يعيشه السوريون بعيدا عن وطنهم برجوع غير معلوم الأجل.
فبعد سنة واخرى في كل تلك الدول الغريبة هم كل إنسان أن يتأقلم ويعتاد عناء الغربة وغرابتها، وأصبح ولابد لكل رب اسرة وشاب وفتاة أن يلتحق بهذه الثقافة الجديدة وايضا سبل تعليمها ومواكبة مناهج تدريسها إذ لا بمكن لأي إنسان أن ينطوي على سوريته ويجلس في قوقعته كل هذه الفترة دون الانصهار في كل بلد لجا إليه وهنا وبعد سنوات وبعد تناسي الجروح وتضميدها والتآلف مع الغير والانضواء تحت اسلوب حضاراتهم.
ستنقضي السنوات بلا تنبه وتحين عودة كل عائلة بعد انتهاء هذه الظروف وهذه الحرب.
ويرجع كل إلى حضن وطنه بأسلوبه المعاش والأشياء التي اكتسبها والميراث الذي ورثه من تاريخ اوروبي واسيوي وعربي وجغرافيات باتت من المعلوم لديه،
وهنا، يظهر شبحنا الذي تربى وكبر دون ان ينتبه عليه أحد شبح أجيال تربت على جميع انواع الثقافات والحضارات والجغرافيات واكتسبت مهارات لغات مختلفة وآن الأوان أن يجتمع كل هؤلاء في وطنه.
وهنا مأساة مخيفة تحيق بالجميع دون استثناء الجميع الذي لا يعلم شيء عن لغته ولا جغرافية بلده ولا عاداتها ولا ثقافتها.
مأساة تدق ناقوس هدم أجيال لا تنتمي لسورية بينما كل واحد فيها ينتمي لدولة عاش فيها منذ كان طفلا لسنوات ولم يتنبه ذويه أن يلقنوه هويته او يزرعوها فيه.
لان هذه الأشياء تحتاج للانتماء ومزاولة الوطنية على ارض ترعرع بها.
أجيال ستتحدث الألمانية والتركية والإنجليزية وتعرف تاريخ هتلر وفرانكلين وجمال باشا ومصطفى اتاتورك، دون أن تدري وتعلم حدود سورية الطبيعية وتضاريسها ومعنى اسمها وتاريخها العريق.
شبح يتربص نتوخى ان يظهر لأبنائي وأبنائك حين يتربوا مسلوخين عن هويتنا وعشقنا، أولادنا التي تخرج إلى مدارس ليرفعوا ايديهم في كل دولة لتحية علمها دون أن يعرفوا ما هو علم بلادهم، ولا كلماته أصلا!!
أجيال ستحرم سورية وسورية ستحرم منها حتى لو كتب لهم الرجوع فالغربة قد فعلت بهم ما أرادته الحرب